أراد الحياة.. فاستجاب القدر

بقلم ||محمد العنان..

لم تكن الثورة السورية التي أشعل شرارتها أطفال درعا في مثل هذا الوقت عام 2011، حدثاً ناجماً عن موقف طارئ أو عابر، بل كانت نتيجة حتمية لممارسات امتدت عقوداً طويلة من الظلم والاضطهاد والاقصاء، لتكريس النظام الأمني القمعي، واستغلال ثروات البلاد وقدراتها لحماية الأسرة الحاكمة واستئثارها بالسلطة ” لتكون إلى الأبد ” .

بصدورهم العارية،  واجَه الثائرون آلة القمع التي بدأت تتعاظم مع توسع المظاهرات المنادية بالحرية والكرامة، هاتفين بكل الساحات والميادين ” واحد واحد واحد ، الشعب السوري واحد” في حين كان من الطبيعي أن يكشف النظام عن هويته الممعنة في الاجرام والقتل، تكريساً لشعاراته الأزلية ” الأسد ، أو نحرق البلد” .

سنوات طويلة متخمة بالحراك الثوري الذي ما كاد يخبو في مكان،  حتى يشتعل في مكان آخر، رغم كل الجرائم التي ارتكبها النظام المستبد،  مستخدماً كل ما لديه من ترسانة عسكرية من الصواريخ والبراميل المتفجرة والكيماوي ، لقصف القرى والمدن فوق رؤوس ساكنيها، أو تهجيرهم في كل أرجاء المعمورة.

لم يعد أحد ليسمع بأنين الملايين في المخيمات الممتدة في طول الأرض وعرضها، ولم يعد أحد يكترث لآلاف المهاجرين، الهاربين من الموت، ليلقوه في عرض البحر أو الغابات.

هي التغريبة السورية الأكثر بشاعة في التاريخ المعاصر،  وهي أيضاً الثورة الأكثر نصاعة في هذا العصر، إذ لم يكن ثمة يأس في الانتصار، رغم كل مشاهد الخيانة والطعن والخذلان، في المحافل العربية والدولية والأممية.

هو الشعب السوري الذي أراد الحياة، وقد استجاب القدر،  لأن هذا الشعب، هو صاحب الحق، واستطاع بعد 14 عاماً من الكفاح، أن يطويَ صفحةً هي الأكثر سواداً في تاريخ البشرية ، ويكتب أيضاً سفراً جديداً في تاريخ انتصار الشعوب الثائرة ضد الاستبداد والطغيان.

هو النصر سطرته دموع الأمهات الثكالى، ودماء الشهداء على امتداد أرضنا الطيبة.

سورية تنتصر،  نعم  هي الثورة المباركة التي انتهت إلى النصر المبين، ويحق لهذا الشعب أن يفرح اليوم، في أول ذكرى للثورة العظيمة، بعد انتهاء حقبة الماضي الأليم، في ظل آمالٍ وأمنيات لابديل عن تحقيقها، لاستكمال هذا النصر، بوحدة أرض سورية وأبنائها، للوصول الى مستقبل ينشده جميع السوريين.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار