بقلم | محمود جنيد ..
يمر طيف الذكاء الاصطناعي، ليوضح علاقته الإندماجية التي لا مناص منها مع الواقع الإعلامي، حاملاً تميمتها الثورية على شكل عصا سحرية تحمل رأسًا إلكترونيًا رقميًا يغذي حبر القلم الجاف والخرطوش القابل للنفاد؛ يلهج بلغة عصرية، لتكون تلك العلاقة إحدى أكثر التحولات تأثيرًا في عصرنا الراهن.
وبالنسبة لنا في سوريا، فنحن بحاجة إلى تلك النقلة المكوكية المتوازنة مهنياً، من إعلام تقليدي منغلق عفا عليه الزمن، يفتقر لأبسط وأدنى مقومات العمل، إلى النموذج الديناميكي الذكي النافذ، لنحقق قفزة نوعية عالية تردم هوة التخلف وتطوي المسافات الشاسعة التي تفصلنا عن العالم المتطور، ونواكب المتغيرات الحاصلة والتحديات الانتقالية القائمة في بلدنا، حيث يكون الإعلام، المتسلح بعلاقة وطيدة مع الذكاء الاصطناعي، أداة مؤثرة، قادرة على صناعة المحتوى الإعلامي، وتسويقه، واستهلاكه، من خلال معطيات متعددة، منها الصحافة الآلية التي تقدم نتاجًا سريعًا من الأخبار والتقارير بتكلفة أقل وسرعة أكبر، وكذلك مكافحة التضليل والأخبار الكاذبة المثيرة للفتن، كما يحدث في واقعنا الحالي، وذلك بالكشف عن المحتوى المزيف، وتحليل مصداقية الأخبار عبر أدوات نوعية ومطورة، كما يوفر إمكانية الترجمة الفورية.
ويمكننا استشراف المستقبل في عصر الذكاء الاصطناعي من خلال مناحٍ عديدة، من بينها الصحافة الاستقصائية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، الذي يؤمن تحليل كميات هائلة من البيانات للكشف عن مكامن الفساد والجرائم وغيرها، من الأمور التي تخدم الرسالة الإعلامية والقضايا الوطنية.
التحديات التي تفرضها علاقة الإعلام مع الذكاء الاصطناعي تقتضي إنشاء علاقة تشاركية تكاملية، تكيّفية، توظف التكنولوجيا القادمة بقوة، لخدمة أهداف ورسالة الإعلام المهنية والأخلاقية المسؤولة، دون أن تسحب البساط من العاملين فيه، وتجعله سلاحًا ذا حد واحد، في مواجهة المخاطر المرتبطة بالتقنية، خاصة تلك التي تتعلق بالتزييف العميق لنشر المعلومات المضللة، وإفشاء التحيزات ضمن البيانات المستخدمة، والتي تعكسها خوارزميات الذكاء الاصطناعي.
بمطلق الأحوال، سيكون العقل البشري الذي ابتكر الذكاء الاصطناعي هو أداة التحكم الرئيسية، لبناء العلاقة المتينة بين الطرفين، وتكريس دور الصحافة والإعلام الرشيدين والحريصين والمنفتحين.
#صحيفة_الجماهير