اتفاقية التوأمة مع غازي عنتاب بوابة لاستعادة حلب مكانتها الإقليمية

بقلم :محمد سلام حنورة

شهدت مدينة حلب امس تطوراً مهما في مسار علاقاتها الإقليمية، مع توقيع اتفاقية توأمة مع مدينة غازي عنتاب التركية.
هذه الخطوة لا تمثل بعداً رمزياً، بل تمثل تحولاً استراتيجياً في سياسة الانفتاح وإعادة البناء وتحمل في طياتها العديد من الانعكاسات الإيجابية المحتملة على المستويات الخدمية، الاقتصادية، والثقافية في حلب أبرزها.

دفع عجلة التعافي العمراني والخدمي.
من أبرز محاور الاتفاقية التعاون في مجالات التخطيط العمراني وإعادة تأهيل البنية التحتية، وهو ما يشكّل حاجة ملحة لمدينة حلب التي أهملها النظام المخلوع .
الدعم في هذا المجال، سواء من خلال تبادل الخبرات الفنية أو تنفيذ مشاريع مشتركة، قد يسهم في تسريع وتيرة إعادة الإعمار، خصوصاً في قطاعات مثل الطرق والحدائق والمرافق العامة، التي تشكل عماد الحياة اليومية للسكان.
نظراً للخبرة التي تتمتع بها بلدية غازي عنتاب، التي تحوّلت خلال العقد الماضي إلى نموذج ناجح للتنمية الحضرية في الجنوب التركي، وهذه الخبرة قد تُستثمر لتقديم حلول عملية ومجربة تناسب السياق والظروف لمدينة حلب، مع إمكانية استقطاب دعم دولي وتمويلات خارجية من خلال الإطار التشاركي لهذه الاتفاقية.

تطوير الإدارة المحلية وتعزيز القدرات
الاتفاقية تعكس أيضاً توجهاً نحو تعزيز الإدارة المحلية، من خلال تبادل التجارب في مجال تقديم الخدمات البلدية.
حلب التي تحتاج إلى تطوير البنية الإدارية يمكن أن تستفيد من بناء شراكات مؤسسية تُسهم في تطوير مهارات الكوادر البلدية، وتطبيق نماذج حديثة في إدارة الموارد، والتنمية المجتمعية.

تنشيط الحراك الثقافي والاجتماعي
جانب مهم من الاتفاقية يتصل بالأنشطة الثقافية والتربوية والرياضية المشتركة، ما يعني إعادة إحياء التفاعل الإنساني والاجتماعي بعد سنوات من العزلة والانقطاع عن العالم والجوار.
الفعاليات المتبادلة مثل المهرجانات والزيارات الطلابية، تفتح نوافذ لتبادل الأفكار والثقافات، وتعيد ربط المجتمع الحلبي بجواره الإقليمي.
هذا البعد الثقافي يمكن أن يسهم في تعزيز الهوية المحلية ورفع الروح المعنوية، لا سيما لدى فئة الشباب.

تحفيز السياحة والاستثمار
التوأمة قد تكون بوابة لإعادة إدراج حلب على خريطة السياحة الإقليمية.
فتح قنوات تواصل مع مدينة نشطة سياحياً كغازي عنتاب من شأنه جذب السياح الأتراك والعرب، لا سيما من المواطنين السوريين المقيمين في تركيا، ما يخلق فرصاً جديدة للقطاع الخاص، ويعيد تنشيط الاقتصاد المحلي.
علاوة على ذلك، فإن مشاريع التوأمة الناجحة قد تُشجّع مستثمرين أتراك وأجانب على استكشاف فرص الاستثمار في حلب، خصوصاً في مجالات البناء والسياحة والخدمات.
بالنسبة لحلب المدينة ذات التاريخ العريق في التبادل التجاري والثقافي مع الجنوب التركي، فإن هذا الانفتاح قد يعيد إليها دورها التقليدي كجسر بين المشرق والأناضول.
وأخيراً تمثل اتفاقية التوأمة بين حلب وغازي عنتاب فرصة استراتيجية للمدينة لتعيد التموضع كمركز إقليمي نشط، وتطلق مسار تعافي شامل لا يقتصر على البنى التحتية، بل يمتد إلى النسيج الاجتماعي والثقافي والاقتصادي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار