بقلم جهاد جمال ……
بلا ضجيج إعلامي يُذكر طويت صفحة من أقسى فصول المأساة السورية بعد أن فرغ مخيم الركبان الواقع على الحدود السورية الأردنية من آخر قاطنيه تقريبًا.
المخيم الذي تأسس عام 2014 نتيجة الحصار والعمليات العسكرية التي شنتها قوات النظام البائد بدعم روسي وإيراني تحول إلى رمز للألم والنسيان حيث عانى الآلاف من السوريين من العطش والجوع والخوف الدائم من النظام وإجرامه
على مدى سنوات عاش أهالي المخيم في عزلة تامة لا طعام ولا دواء ولا تعليم ولا حتى أبسط مقومات الحياة الكريمة أغلبهم كانوا نازحين من ريف حمص الشرقي ودير الزور فارين من قصف البراميل والاعتقال التعسفي والملاحقات الأمنية ليجدوا أنفسهم محاصرين في صحراء قاحلة تحت حر الشمس ولسعات البرد بانتظار بصيص أمل لم يأتِ
المخيم الذي كان يضم أكثر من 50 ألف شخص تقلص تدريجيًا تحت ضغوط الحصار الإنساني وتوقف المساعدات الدولية فعاد منهم القليل ليجدوا أنفسهم بين معتقل وملاحق وقتيل بينما اختار آخرون الهروب نحو المجهول عبر طرق التهريب في ظل صمت دولي خانق
ومع تشكيل الحكومة السورية الجديدة كان ملف مخيم الركبان من أولوياتها الإنسانية حيث بذلت كل الجهود الممكنة لإنهاء هذه المأساة بالتعاون مع الجهات المحلية والمنظمات المدنية. ونجحت في إيجاد حلول آمنة وخيارات بديلة للنازحين وتؤكد الحكومة الجديدة أنها لا تدخر جهدًا للانتهاء من معاناة المخيمات جميعًا وإغلاق هذا الملف الذي أثقل كاهل السوريين لعقد من الزمن
اليوم يُعلن الركبان شبه خالٍ من الحياة لتغيب معالم خيمه الممزقة وأطفاله المتروكين في الخيام عن المشهد وتبقى القصة شاهدة على كيف يمكن للخوف من بطش النظام أن يصنع جغرافيا جديدة للموت البطيء وكيف يمكن لصحراء قاحلة أن تصبح ملاذًا أخيرًا للهاربين من الظلم
الركبان لم يكن مجرد مخيم بل مرآة لخذلان العالم وقصة سورية عالقة بين جدران الجغرافيا و النسيان الانساني .