جهاد جمال …
في ظلّ ظروف معيشية هي الأصعب منذ عقود وتدهور مستمر في القوة الشرائية للمواطن السوري جاءت زيادة الرواتب بنسبة 200% كقرار استثنائي طال انتظاره لتمثل بصيص أمل حقيقي للملايين الذين أثقلهم الغلاء وعجز الدخل عن تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية هذه الخطوة لا تعني فقط ضخ أموال إضافية في جيوب المواطنين بل تحمل معها أثرًا اجتماعيًا واقتصاديًا واسعًا قد ينعكس على بنية المجتمع ككل .
تنعكس هذه الزيادة بشكل مباشر على القوة الشرائية لدى المواطنين ما يعني تحسن القدرة على تأمين الاحتياجات الأساسية من غذاء ودواء ومواصلات وسكن وهو ما يعزز الاستقرار الاجتماعي ويقلل من حالة الإحباط العام المنتشرة بين مختلف الفئات وخاصة بين الموظفين والمتقاعدين وأصحاب الدخل المحدود .
كما تسهم الزيادة في تحريك العجلة الاقتصادية المحلية حيث تؤدي إلى ارتفاع الطلب على السلع والخدمات مما يدفع أصحاب المشاريع الصغيرة والمحلات التجارية إلى تنشيط أعمالهم وتوفير فرص عمل جديدة وهو ما ينعكس بدوره على تخفيض معدلات البطالة وتوسيع نطاق الدورة الاقتصادية داخل البلاد .
وللعامل النفسي دور كبير في هذا السياق إذ يشعر المواطن بقيمته وجهود الدولة في التخفيف من معاناته ما يعزز الثقة بين الفرد ومؤسسات الدولة ويدفعه إلى مزيد من الإنتاج والمبادرة والعمل بدلاً من الركون إلى حالة العجز والتذمر .
ولا يمكن إغفال الأثر الإيجابي لهذه الزيادة على القطاع التعليمي والصحي إذ تُمكن العاملين في هذين القطاعين من تحسين أوضاعهم المعيشية ما ينعكس إيجابًا على أدائهم ومردودهم المهني وبالتالي ينعكس الأمر على جودة الخدمات المقدمة للمجتمع بشكل عام .
وفي النهاية تبقى هذه الخطوة مرهونة بقدرة الحكومة على ضبط الأسواق ومنع الاحتكار والتحكم بالأسعار حتى لا تلتهم موجة الغلاء المكاسب الناتجة عن الزيادة وتضيع فوائدها المرجوة لذلك فإن زيادة الرواتب بنسبة 200% تمثل خطوة هامة نحو الإنقاذ لكنها بحاجة إلى إجراءات مرافقة لضمان استدامة أثرها الإيجابي .