بقلم جهاد جمال……..
في ضوء التحولات الأخيرة التي تشهدها الساحة السورية لا بد من التأكيد مجددًا على ثوابت لا تتزحزح أولها أن سوريا كانت وستبقى واحدة موحدة أرضًا وشعبًا ومؤسسات وأن الدولة السورية بكل ما تمثله من شرعية وسيادة لن تقبل تحت أي ظرف بوجود كيان موازٍ أو جيش رديف أو إدارة خارجة عن سلطة القانون فالأمر لم يعد يحتمل المراوغة أو الغموض ولا يمكن القبول بأي مشاريع مشبوهة تسوّق للفدرلة أو تقويض وحدة البلاد تحت ذرائع الهويات الفرعية أو المصالح المرحلية وفي هذا السياق يأتي موقف الحكومة السورية من الاتفاق الأخير مع قوات سوريا الديمقراطية كترجمة حقيقية لحرص الدولة على صيانة السيادة وبسط النظام العام في كل الجغرافيا السورية ومن منطلق المسؤولية الوطنية والدستورية ترحب الدولة بأي خطوة تعيد أبناء الوطن إلى حضن مؤسساتهم شرط أن يكون ذلك تحت سقف الجمهورية العربية السورية لا عبر تفاهمات خارجية أو وصايات مفروضة ولهذا كانت الإشارة واضحة إلى أن انضمام المقاتلين إلى صفوف الجيش السوري أمر مرحب به إذا تم ضمن الأطر القانونية لأن الجيش العربي السوري ليس مجرد مؤسسة عسكرية بل هو عنوان وحدة الوطن وحامي سيادته أما الرهان على البقاء تحت المظلة الخارجية أو الوهم بأن الخارج سيصنع كيانًا دائمًا في الشرق السوري فهو رهان خاسر أثبتت التجربة محدوديته وخطورته فالمطلوب اليوم من المكوّن الكردي الذي كان وما زال جزءًا أصيلًا من النسيج الوطني أن يلتقط اللحظة ويعود إلى جادة الدولة ويقف مع بقية مكوّنات الشعب السوري في معركة تثبيت السيادة ومواجهة المشاريع الخارجية ومن هنا فإن أي تأخير أو مناورة في تنفيذ الاتفاق لن يفسر إلا كتعطيل متعمد للاستقرار وسيقابل بما يناسبه من حزم سياسي وميداني فالدولة لا تنتظر إذنًا من أحد كي تعود إلى أرضها لكنها تمارس أقصى درجات ضبط النفس لإعطاء فرصة حقيقية للحلول السورية ولا بد أن تكون عودة مؤسسات الدولة إلى مناطق الشمال الشرقي أولوية لا تحتمل التأجيل لأنها الضامن الوحيد لتقديم الخدمات وإنهاء الفراغ الإداري ومنع العبث الخارجي فدمشق لا تتحدث من موقع القوة فقط بل من موقع المسؤولية التاريخية تجاه كل السوريين وستظل تدعو الجميع مهما تباينت الرؤى إلى العودة تحت راية الوطن بعيدًا عن الحسابات الضيقة أو الأجندات المستوردة فالسوريون جميعًا خاسرون حين تتفتت الدولة ورابحون حين يتوحدون تحت رايتها.