بقلم جهاد جمال …..
في لحظة مفصلية تمر بها سوريا تتقاطع فيها المؤامرات مع مشاريع التقسيم وتتكشف خيوط الدعم الصهيوني لبعض النزعات الانفصالية في الشمال الشرقي والجنوبي بات من الضروري إعادة النظر في أدوات المواجهة ولو تطلب ذلك خيارات غير شعبية نعم قد تكون موسكو محطة ثقيلة على وجدان كثير من السوريين لكنها اليوم قد تكون بوابة لحماية الوطن من التقسيم .
الكيان الصهيوني لم يعد يكتفي بالعدوان العسكري بل بات يمد جسوره نحو الفتنة الداخلية ويغذي دعاوى الانفصال من بعض الأطراف الكردية التي تعمل على فرض واقع جغرافي وسياسي مغاير وكذلك من بعض الجهات الدرزية التي باتت تجاهر بدعوات الانفصال مستندة إلى دعم صهيوني مكشوف
وفي ظل تعذر المواجهة العسكرية المباشرة مع الكيان ومع تعقد المشهد الدولي فإن الساحة السياسية والدبلوماسية تبقى الميدان الممكن والفعال لردع هذه التهديدات من هنا تبرز أهمية التوجه نحو موسكو رغم مرارتها باعتبارها لاعبا دوليا قادرا على التأثير وورقة ضغط فاعلة في وجه مشاريع التقسيم
الزيارة ليست مكافأة وليست إعلان ولاء بل هي محاولة استباقية لقطع الطريق أمام تفتيت البلاد وللبحث عن تفاهمات سياسية تضمن بقاء سوريا موحدة
إن الشعب السوري الذي قد لا ينسى خذلان بعض الحلفاء يدرك أيضا أن الحفاظ على وحدة ترابه أولى من حسابات الغضب والحقد والكراهية
في السياسة لا وجود للثوابت العاطفية بل للمصالح العليا التي قد تجبرك أحيانا على التحالف مع من لا ترتاح له فقط لأن الخطر الذي يهددك لا يترك لك خيارا آخر وموسكو رغم كل الانتقادات الموجهة لها تبقى رقما صعبا في المعادلة السورية ويمكن بإدارة سياسية حكيمة توظيف علاقتها مع قوى إقليمية ودولية للضغط على الكيان الصهيوني والحد من طموحات وكلائه الانفصاليين
إن سوريا اليوم بحاجة إلى سياسة واقعية تحمي السيادة وتصون الأرض فليس من العيب أن نطرق أبواب موسكو العيب أن نصمت بينما تقطع بلادنا أوصالا بأدوات أجنبية وتحريض علني .
الزيارة إلى موسكو ليست خيانة للمشاعر الشعبية بل هي خيار اضطراري لإبقاء سوريا واحدة ولن يفهم معنى الضرورة إلا من عرف طعم الحرب وخبر الخسارة وخطورة التفكك