زيارة موسكو لحماية القرار السوري ومواجهة لعبة الأعداء

بقلم مصطفى الدناور…
في زمن تتكالب فيه القوى الإقليمية والدولية على تقرير مصير سوريا دون إذن من أهلها وفي ظل صمت عالمي مريب على مشاريع الانفصال المدعومة صهيونيا يصبح التحرك السياسي ضرورة وطنية لا مفر منها حتى وإن كان ذلك عبر بوابة موسكو التي لطالما أثارت الريبة في الشارع السوري
الزيارة إلى روسيا اليوم ليست اصطفافا سياسيا ولا رهانا على حليف بقدر ما هي محاولة لاستعادة بعض من زمام المبادرة في وقت يتسابق فيه الجميع لاقتسام الجغرافيا السورية تحت شعارات متعددة تارة باسم الأقليات وتارة أخرى تحت لافتات حقوق الإنسان بينما الهدف الحقيقي هو تقويض الدولة السورية وتحويلها إلى كانتونات متناحرة
حين يتبنى الكيان الصهيوني دعوات انفصال الأكراد ويغذي نزعات التفرد في بعض مناطق الجنوب السوري فإن المواجهة لا يمكن أن تبقى في دائرة الصراخ الإعلامي أو المناشدات الفارغة بل تتطلب حراكا سياسيا واسعا وتحالفات مدروسة تعيد الاعتبار للقرار السوري وتمنع الآخرين من اللعب بنا كأدوات على رقعة الشطرنج الدولية
موسكو رغم تحفظاتنا على مواقفها في بعض المحطات تبقى قادرة على كبح جماح الطموحات الأمريكية والصهيونية في سوريا وباستطاعتها أن تضغط على الأطراف الانفصالية لوقف استغلالها للفراغ السياسي والتوتر الداخلي وتحويله إلى أمر واقع مدعوم بالسلاح والمال والإعلام
زيارة روسيا ليست خيارا مريحا ولكنها خيار يفرضه الميدان والسياسة معا فهي تحمل رسالة مزدوجة للعالم بأن سوريا لن تُترك سائبة تتقاسمها المشاريع الطائفية والعرقية وأن القرار السيادي السوري ما زال حيا ولو احتاج إلى دعم ظرفي من قوة كبرى تحقق توازنا في لعبة الأمم
ما نحتاجه اليوم هو الخروج من دائرة المثالية السياسية ومواجهة الواقع المعقد بأدوات تناسبه فلا العواطف تحفظ وحدة الأوطان ولا الشعارات توقف آلة التآمر الدولية المطلوب اليوم حراك سياسي جريء يُبقي لسوريا هامشا للحركة ويمنع انزلاقها نحو النموذج الليبي أو العراقي
زيارة موسكو ليست غاية بحد ذاتها بل وسيلة لفتح مسار سياسي جديد يعيد الاعتبار لسوريا الموحدة المستقلة ويدفع باتجاه تسوية وطنية شاملة تتجاوز صراع المصالح نحو بوصلة السيادة والكرامة الوطنية
نعم إنه قرار صعب
قرار مؤلم . قرار محزن
لكن للضرورة أحكام .

 

#صحيفة_الجماهير

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار