حكمت الهجري… مشروع تبعية لصالح طموحات شخصية

بقلم مصطفى الدناور……….

منذ أن صعد حكمت الهجري إلى واجهة المشهد في السويداء، بات واضحاً أن الرجل لا يبحث عن تهدئة أو حلول تضمن استقرار الجبل، بل يسير بخطوات محسوبة نحو الاستئثار بقرار المحافظة، حتى لو كلّف الأمر نسف النسيج الاجتماعي وفتح أبواب الفتنة.

الهجري لم يتردد في مدّ خطوط تواصل مع الكيان الصهيوني، في محاولة للحصول على دعم خارجي يُمكنه من تصفية خصومه داخل حركة “رجال الكرامة”، وتحويلهم إلى عقبات يجب إزالتها من طريق مشروعه السلطوي. فمشروع الهجري في جوهره ليس مشروعاً سياسياً وطنياً، بل رهان شخصي على سلطة ومال، حتى لو اقتضى ذلك دفع السويداء نحو سيناريوهات الانفصال عن سورية، أو وضعها في خانة التبعية لمشاريع مشبوهة لا تعبّر عن إرادة أهلها.

ومع أن الهجري استطاع في البداية أن يستقطب حوله بعض القوى، إلا أن الخلافات سرعان ما ظهرت إلى السطح، خاصة داخل مجلسه العسكري، حيث تحوّل تقاسم الرواتب وبيع السلاح المسروق وتجارة المخدرات إلى بؤرة صراع بين الفصائل التي يفترض أنها تحت قيادته. هذه الصراعات لا تعكس فقط تناقض المصالح، بل تكشف هشاشة التحالفات التي بُنيت على أساس المنفعة لا المبادئ.

وفي خطوة خطيرة تحمل أبعاداً تتجاوز مجرد التصعيد الميداني، قادت فصائل الهجري هجوماً على مقر الأمن العام في تل حديد. لم يكن الهدف من هذا الهجوم عسكرياً بقدر ما كان محاولة مدروسة لتحشيد الشارع خلفه، عبر خلق “عدو داخلي” دائم. فالهجري يدرك أن استمرار التوتر والصدام مع الدولة هو السبيل الوحيد لإبقاء عناصره مستنفَرين، وللحفاظ على صورة القائد الأوحد في نظر أتباعه.

لكن رغم هذه المحاولات، تصطدم رهانات الهجري بعاملين جوهريين؛ الأول يتمثل في البيئة المجتمعية في السويداء، التي ما تزال ترفض – وبصلابة – الانجرار خلف مشاريع انفصالية أو تسويات مع كيان غاصب. أما الثاني فهو التآكل التدريجي لتحالفاته الداخلية، حيث بدأت النزاعات بين الفصائل والقياديين في مجلسه العسكري تهدد بتفجير البيت من الداخل.

السويداء اليوم ليست رهينة لمشروع الهجري كما يتوهّم، بل لا تزال تمتلك مناعة مجتمعية قادرة على إسقاط أي محاولة لفرض أمر واقع يتنافى مع هويتها الوطنية. ومع أن المشهد لا يخلو من التعقيدات، إلا أن إرادة أهل الجبل تبقى صمّام الأمان الذي يعطّل طموحات الهجري، ويمنع تحويل السويداء إلى ورقة بيد مشاريع لا تمتّ للسويداء ولا لسورية بأي صلة.

 

#صحيفة_الجماهير

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار