انطلاقة جديدة لسوريا عبر فتح النظام المصرفي أمام العالم

 

مصطفى الدناور…

 

تحرير سوريا من حصار التحويلات المالية عبر نظام SWIFT ليس مجرد خبر تقني أو بطاقة مصرفية جديدة بل هو نقطة تحول استراتيجية لها انعكاسات واسعة على الاقتصاد والمجتمع السوري. هذا التقدم الذي بدأته البنوك السورية بإعادة إدراج سوريا في نظام التحويلات المالية الدولي يمثل خطوة أولى وأساسية نحو إعادة دمج البلاد في النظام المالي العالمي.

ففتح قناة مالية دولية يخفف من معاناة السوريين التي طال أمدها جراء العقوبات والعزلة الاقتصادية.

أول انعكاس مباشر لهذه الخطوة سيكون في تحسين القدرة على إرسال واستقبال الأموال من الخارج بشكل قانوني وسلس.  فهناك ملايين الأسر السورية التي تعتمد على الدعم المالي من أقاربهم في دول المهجر سترى تحسنًا في تحويلاتهم مما يعزز من قدرتهم على تأمين حاجاتهم اليومية وتحسين مستوى معيشتهم. ليس هذا فقط بل أيضًا سيتيح ذلك فرصًا أوسع للمستثمرين والمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعاني بسبب صعوبة التمويل والتدفقات النقدية.

أما على مستوى الاقتصاد الكلي فرفع العقوبات وإلغاء قانون قيصر يفتح الباب لاستثارة النمو الاقتصادي من عدة زوايا معًا. أولها تعزيز سيولة البنوك مما يمكنها من تقديم قروض متعددة للمتعاملين  مما يسهل تأسيس ودعم المشاريع الاقتصادية المحلية.

ثانيًا استعادة العلاقات المالية مع البنوك الأجنبية تتيح للسوريين المزيد من الخيارات للتوسع التجاري وتحويل الأرباح والموارد بحرية.

على المستوى الاجتماعي ستنعكس هذه التغييرات على حياة المواطن العادي من خلال تقليل التضخم وارتفاع الأسعار الناتج عن شح العملة الصعبة. كما ستساهم في تقليل البطالة إذ أن تحسن المناخ الاستثماري يشجع على توظيف مزيد من الأيدي العاملة. كذلك هناك تأثير نفسي مهم يتمثل في رفع الروح المعنوية والثقة بمستقبل أفضل بعد سنوات من التحديات والإحباط.

مع ذلك فإن الطريق ليس سهلاً ولا سلسلة، إذ أن الانعكاسات الإيجابية تتطلب استقرارا مستدامًا لضمان تدفق الاستثمارات الخارجية وكبح الاقتصاد الموازي.

كما تحتاج المؤسسات المالية إلى تطوير بنيتها التحتية وتعزيز الشفافية لمواكبة المعايير الدولية. مع هذا المشهد الجديد، بات أمام السوريين فرصة تاريخية لنبذ العزلة والعمل على إعادة بناء اقتصادهم ومجتمعهم بأسس سليمة ومتطورة.

في الختام، فتح النظام المصرفي أمام التحويلات الدولية ورفع العقوبات سيشكل بداية تحول حقيقي يلامس حياة ملايين السوريين. ليس فقط من خلال تيسير المعاملات المالية بل عبر إعادة الأمل في غدٍ أفضل قائم على التفاعل مع العالم الاستثمار المستدام وتحسين المستوى المعيشي لجميع فئات المجتمع.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار