حلب ـ رضا الأحمد
يرى المتابعون لمشكلات حلب بعد سنتين من الانتصار أن ما ينفذ لا يتناسب مع الواقع القائم ففي كل يوم نسمع ونرى مشاكل تحتاج لمعالجة سريعة والأبنية المنهارة أنموذجاً.
فماذا عن هذه المشكلة وعما تسرب من معلومات لتقارير لجان السلامة العامة التي تشير أن هناك أكثر من ثلاثمئة بناء معرض للانهيار في أحياء الشعار، سد النور، قاضي عسكر، بستان القصر وغيرها من المناطق الأخرى.
وعلمنا أيضاً أن هناك لجنة شكلها المجلس تحت مسمى لجنة الإنشاء والتعمير بهدف متابعة واقع هذه الأبنية بالتعاون مع مؤسسة المياه ونقابة المهندسين والسؤال: متى ستبدأ هذه اللجنة أعمالها؟ وهل ستستطيع تفادي ما سيحصل وتحديداً أن تقارير السلامة العامة تؤكد خطورة أكثر من 300 بناء آيلة للسقوط.
وبالعودة إلى أسباب الانهيارات يرى المتابعون أن المشكلة قائمة في شبكات الصرف الصحي والمياه نتيجة تضررها بفعل الإرهاب حيث التفجيرات والقذائف المتكررة أدت إلى خلل كبير في الشبكات نجم عنها تسريب للمياه والصرف الصحي إلى أقبية العديد من المنازل وبما أن بعضاً منها بني بعيداً عن الرقابة الإنشائية يجعل هذه الأبنية أكثر خطورة، فهل سنرى جهوداً متكاتفة لحل هذه المشكلات؟
فحلب ومنذ عشرات السنين كانت محط تساؤلات حول الأسباب المؤدية لهذا التوسع الهائل في عدد مناطق المخالفات وفي كل يوم نرى اتساع رقعة الأبنية وخصوصاً في السنوات الثلاث الأخيرة ما قبل الحرب على سورية.
كتبنا كثيراً ونوهنا إلى الحلول ولكن دون جدوى فالمكاسب كانت أقوى من أن توقف انتشار الظاهرة والنتائج، ما نشهده حالياً من انهيارات لمبان عدة لتأتينا التبريرات إما لغزارة الأمطار بعيداً عن ملامسة الحقائق المؤدية والكامنة في سوء الحالة الإنشائية التي قد تشمل نسبة 50% من مناطق المخالفات إن لم نقل أكثر.
فهل سيستطيع المجلس الحالي أمام الخطط المعلنة أن يحل الأزمة في الأعوام القادمة؟.
إن لم تكن الحلول جذرية وهذا ما ذهب إليه الاجتماع المنعقد برئاسة رئيس مجلس الوزراء الذي انتهى بتخصيص خمسة مليارات لدراسة منطقة مخالفات وأخرى نظامية.
فإذا اتبعنا وضع الخطة المقررة فكم عاماً نحتاج لإنجاز الدراسة التفصيلية لمناطق المخالفات عدا عن المناطق النظامية، وهل يشكل ذلك عائقاً أمام المجلس الحالي في اتخاذ ما يجب اتخاذه من حلول وبالسرعة الكلية وخصوصاً المناطق الواقعة ضمن المخطط التنظيمي والبالغة مساحتها أكثر من ثلاثين ألف هكتار فهذه البقع الموزعة غرب وشمال وشرق المدينة تحتاج لخطة استراتيجية تتفق فيها جميع الوزارات المعنية والجهات المختصة في المحافظة لدراسة هذا المخطط وتنفيذه قبل أن تتحول البقع النظامية لمخالفات عشوائية فيما لو تركت لسنوات دون دراسة.
فهل المجلس الحالي سيلحظ وفق برامجه وخططه الدراسة الإنشائية للمباني الواقعة في مناطق المخالفات وحتى النظامية التي تضررت بنيتها الإنشائية بسبب القذائف المتكررة والتفجيرات الإرهابية على مدى سنوات، وهل سيكتفي بدراسة المخطط وإنجازه تفصيلياً من قبل المجلس أم أنه سيعتمد التعاون مع شركة الدراسات ونقابة المهندسين وشركات التطوير العقاري والتي لم نلحظ دخولها هذا السياق حتى الآن؟.
فإذا ما اتبع المجلس إقامة ورشات عمل وطرح هذه المعطيات أمام الجهات القادرة على إنجاز دراسات تفصيلية للبقع المتوضعة داخل المخطط التنظيمي يكون قد حقق إنجازاً لا سابق له.
فالوقت ليس في صالح المجلس حيث الأعباء كثيرة والتغلب على المشكلات يحتاج لجهود متكاتفة ووضع رؤية متكاملة للنهوض بأولويات العمل.
فجميع أعضاء المجلس هم من أبناء المدينة ويعرفون مكامن القوة والضعف وأين سيتم التركيز وفق الأولويات فواقع الاشغالات أمام المحال وكيفية معالجتها وتشكيل لجان وسواها لا يخدم مدينة كحلب التي عاصرت أعنف أشكال الإرهاب والتدمير الممنهج، فالعمل يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الخطط والآليات التي تساهم في عودة أبناء حلب إليها واتخاذ إجراءات تريح المواطن وتفعل من أدائه وتحافظ على حقوقه، فالمجلس قادر على أن يجعل من هذه المدينة أنموذجاً للرقي والحضارة كما عهدناه أو أن يبقيها على ما هي عليه.