حلب ـ رضا الأحمد
المنظومة التعليمية من جديد المنهاج إلى حديثها، فهل ما يجري من تغيير متوافق مع منظومة متكاملة تغذي الفكر الطلابي بمهارات التعليم أم إن ما يجري للحالة التعليمية بالشكل العام يؤدي إلى هوة ما بين المعلومة والمتلقي لها؟
الحكم في هذا الجانب قد يكون متأرجحاً وإثبات الواقعة تحتاج إلى آراء متخصصين في تحديث المناهج مروراً بالقائمين على التغيير وقوفاً عند آراء الطلبة في بعض المواد التي تدرس حالياً وصولاً إلى ما يطرح عن وضع المنهاج للسنة القادمة لمرحلتي التعليم الثانوي والأساسي.
نبدأ من مادة الرياضيات التي تدرس لطلاب الثالث الثانوي العلمي فماذا عنها؟
تقول الآراء: يوجد في المادة أكثر من 1200 تمرين وتحتاج لحلها وتدريسها إلى حوالي عام ونصف وفق استطلاعنا الذي أجريناه مع العديد من مدرسي المادة والطلاب.
المتخصصون في هذه المادة كان لهم رأي في هذا الجانب فالسيد محمد غدير متخصص في مادة الرياضيات ومدرس لعقود عدة قال: إن المنهاج ينمي الفكر لمن يود التخصص في مادة الرياضيات ولا يستفيد منه الطلاب الذين يتجهون إلى فروع علمية أخرى ما يعني هل وضع المنهاج لطلاب البكالوريا لإجراء الامتحان أم للتخصص في المادة؟
عشرة بالمئة على مستوى القطر يستطيعون فهم المنهاج وتنمية الذهن والباقي يعتمد على الحفظ والتدريب وليس على الاستنتاج والتحليل والتركيب، فضخامة المنهاج لا تفيد الطالب بل تزيده إرهاقاً، لو اختصرت العديد من التمارين التي من المفترض أن تلحظ في نهاية المنهاج كتمارين عامة لكان الواقع أفضل للطالب والمدرس.
وإذا أراد المدرس إعطاء المنهاج بدقة يحتاج إلى العام الدراسي بأكمله دون توقف أو عطلات مع لفت النظر إلى أن اعتماد الطالب على حل التمارين كوظيفة ليس ضمن الحصة.
رأي الموجهين الاختصاصيين
التقينا السادة: محمد صلاح الحاج عمر – عبد الرحمن فتياني ورهف بريمو الموجهين الاختصاصيين في مادة الرياضيات للوقوف عند الآراء حول مادة الرياضيات للثالث الثانوي علمي وما يدور حولها من إشكالات / ضخامة المنهاج والتكرار والزمن الذي يحتاجه الطالب لإنهاء المنهاج/.
الآراء جاءت متباينة لنتابع:
السيد محمد صلاح الحاج عمر موجه مادة الرياضيات بحلب قال: قبل أن نتحدث عن المنهاج الجديد يجب الوقوف عند القديم منه الذي كان ينتهي في دورة مكثفة تصل إلى مدة /4/ أشهر ومن ثم يذهب الطالب بعهدها إلى الجامعة غير مدعم بالمعلومات التي قد تسهم في فهم المواد العلمية ضمن المرحلة الجامعية، وعن ضخامة المنهاج لفت إلى أن التمارين مقسمة منها داخل الوحدة ومنها عامة خارج الوحدة ويجب إعطاء الأساسيات منها، حيث إن المسائل البحثية وجدت لدعم التعليم الذاتي للطالب مضيفاً: إن المنهاج له فائدة منظورة بخطة استراتيجية بعيدة المدى أما عن الزمن الذي يحتاجه المنهاج فالمدرس غير مطالب بحل كافة التمارين بل وفق خطة الوزارة التي تتضمن حل نسبة 30% من التمارين.
السيد عبد الرحمن فتياني موجه اختصاصي في مادة الرياضيات قال: المنهاج لا يخدم طلاب الهندسة الفراغية والتحليلية بينما القديم كان يلحظ هذا الجانب لوجود أبحاث المثلثات أما عن ضخامة المنهاج فالمدرس مطالب بتطبيق خطة الوزارة والطالب عليه أن يبحث ويستقصي الحل للتمارين وخصوصاً العديد منها مكرر وهذه ملاحظة على المنهاج الجديد الذي يجب أن يكون بعيداً عن التكرار وفيه تخفيف للتمارين.
وأضافت السيدة رهف بريمو الموجه الاختصاصية في مادة الرياضيات: إن المنهاج الجديد أكثر مرونة من المنهاج القديم الذي كانت له ميزات علمية فكل مادة لها نقاط ضعف ونقاط قوة ويجب على المعنيين الاستفادة من نقاط القوة وإهمال نقاط الضعف لنخرج إلى ما يفيد الطالب الذي وضع ضمن ظروف تعليمية صعبة وأصبح لديه فاقد تعليمي.
وأضافت: قد يكون التكرار مشكلة للطالب لكن قد يستفيد منه ضمن المراحل الجامعية في كل الأمور ووفقاً للمعلومات قد يكون هناك تهذيب لمادة الرياضيات يعيد الترتيب بطريقة أفضل.
وأجمعت الآراء على ضرورة أن يكون المشارك في تغيير أو تعديل المنهاج مدرساً ميدانياً وأن تكون هناك وجهات نظر متوافقة بين المدرسين للمواد العلمية في الجامعة ومدرسي الثانوي ما قبل الجامعة للوصول إلى رؤية علمية تخدم الطالب، ولفت الجميع إلى ضرورة توضيح الخط المطبوع للمنهاج لتسهيل القراءة أكثر.
للطالب الرأي الأهم:
جميع الطلاب وبمستويات متباينة وفي مدارس متنوعة (خاصة وعامة) وبعض من التقيناهم ضمن مدارس المتفوقين والمميزين أكدوا ضخامة المنهاج الذي يحتاج إلى أكثر من عام للحل.
الطالبة / م . ر/ قالت: لقد استغرق معي المنهاج /12/ شهراً من الحل والإعادة ثلاثة أشهر وهي طالبة متفوقة.
الطالب /ع . د / كان له الرأي نفسه مضيفاً: إن المدرس سواء في المدارس الخاصة أو العامة غير قادر على إنهاء المنهاج وفق الزمن المخصص لهذا يلجأ الطالب إلى الاستعانة بالدروس الخصوصية لسد العجز والنسبة الكبيرة من الطلاب تجد صعوبة في الحل.
بعض الطلاب قالوا: إن المنهاج يحتاج إلى عام ونصف لإنهاء حل التمارين وليتمكن الطالب من دخول الامتحان بارتياح، المتمكن منهم وغير المتمكن كان له الرأي نفسه مما يضع علامات استفهام حول المنهاج.
في الخلاصة: فقد توصلنا بعد أخذ الآراء والاطلاع على الواقع التعليمي إلى أن مادة الرياضيات أخذت الكثير من الجدل حول مضمون المادة وتحديداً مادة الصف الثالث الثانوي العلمي الذي جمعت فيه المعلومات دون مراعاة التراتبية التي كان من المفترض أن تلحظ على مدى سنوات الدراسة لتسهل على الطالب توظيف المعلومة من جهة وتخفيض ضخامة المنهاج من جهة أخرى.
فهل عجز المختصون عن وضع منهاج الرياضيات بطريقة تحاكي كافة المستويات بدلاً من عشرة بالمائة منها؟ وهل ترك الباقي للتقاذف ما بين المعاهد الخاصة والمدرسين الخصوصيين ليستطيع تحقيق النجاح؟!
سؤال برسم القائمين على وضع المناهج والعارفين بخطره على الفكر والأداء وآلية النجاح.
سنكتفي بهذه التفاصيل لمادة الرياضيات لنبحث لاحقاً في مناهج جديدة ستوضع في التدريس هذا العام.
رقم العدد 15595