حجار : الباحث ناقل وشاهد .. ينقل الحقائق ويشهد على وجودها

الجماهير – نجود سقور
بكل تواضع قال: “أنا باحث ولست مؤرخاً” هو أصيل كأصالة حلب، ينبض قلبه بالتاريخ والآثار، يعتبر من أنشط الباحثين الذين وهبوا عمرهم في تأريخ آثار حلب. شعاره “حياة بدون فائدة موت مبكر” لذلك كرّس حياته التي بلغت الآن الواحد والثمانين من العمر في تأريخ المعالم الأثرية في حلب، فهو في حد ذاته تاريخ.
إنه الباحث والمؤرخ عبد الله حجار، وكان للـ(الجماهير) معه هذا الحوار الممتع والشائق :
-كيف بدأت قصة شغفك بالتاريخ ولماذا؟!
علاقتي بالتاريخ بدأت عندما تعرفت على عالم آثار في الرقة عام ١٩٦٤ حيث عرض خلال محاضرته لوحين مسماريين الأول لنظرية فيثاغورث، والثاني لنظرية تالس. وبعد المحاضرة قال لي جملة أثرت بي وجعلتني أعشق التاريخ والآثار وهي” أن سورية فيها أقدم الحضارات فهي سبقت الحضارة اليونانية ب ١٥٠٠ عام قبل الميلاد، فلماذا لاتدرس تاريخ بلدك؟! وأضاف: أنتم السوريون أحق بمعرفة هذه الحضارة من غيركم ” من هنا نشأ عشقي للتاريخ والآثار .
ثم بعد ذلك استطعت بصفتي مهندساً معمارياً أن أعبد طريق حلب الرقة وصولاً لمدينة الرصافة في العراق، واستطعت وقتها بأن أزور العراق بعد تعبيد الطريق، واشتريت نسخة من اللوحين المسماريين، كل نسخة بدينار واحد.
وبعد أن انتسبت في عام ١٩٧٠ لجمعية العاديات، وأصبحت عضواً نشيطاً فيها استطعت من خلال صفتي عضواً في لجنة الرحلات، أن أسافر إلى العراق، وأزور جميع الأماكن الأثرية بدءاً بنينوى وآشور وبابل وصولاً إلى الأماكن الدينية في كربلاء والنجف .وهذه الرحلة أغنت أفكاري وعززت شغفي وبدأت رحلتي مع التاريخ والآثار.
-كمؤرخ هل تعتقد أن دراسة التاريخ مفيدة لاستقراء الأحداث المستقبلية ؟!
أكيد فالماضي مرتبط بالمستقبل والتاريخ هو الأقدر على قراءة المستقبل.
-كيف استطعت أن تكتب التفاصيل الدقيقة عن معالم وآثار حلب ؟!
من خلال المراجع في العصر الحديث والقديم كمراجع ” كامل الغزي – راغب الطباخ – وابن الشحنة – وأمراء الجزيرة – وابن شداد ” وغيرهم من المؤرخين أمثال جان سوفاجيه وجوته وبونشويا، ومن الرائع معاصرتي لبعض المؤرخين.
-هل تعتقد أن الباحث والمؤرخ ناقل أو شاهد؟! وهل استطاع الكاتب أن ينصف الشخصيات التاريخية؟!
أولا الباحث ناقل وشاهد في الوقت نفسه؛ لأنه ينقل الحقائق ويشهد على وجودها، ولكي يكتب الباحث عن أي شيء عليه أن يراعي الزمان والمكان والإنسان والعمران، أي الموقع والتاريخ والفاعل في الأحداث وهو الإنسان، أما الكاتب الذي يكتب السيرة التاريخية أو الشخصية فهو مرغم على أن ينحاز لطرف دون آخر، لذلك يكون غير موضوعي في كتاباته.
أما عندما يوثق الباحث الآثار والعمران فهو يوثقها وفق معطيات ووقائع مادية موجودة لذلك يكتب بموضوعية.
-ماهي إصداراتك وهل كلها تتحدث عن الآثار والتاريخ ؟!
إصداراتي كانت (إضاءات حلبية) جزأين الأول معالم حلب الأثرية أصدرته عام ٢٠١٠ الجزء الأول فيه أكثر من ١٥٠ مبنى وموقعاً تاريخياً لحلب، من أسوار وخانات وأسواق. والجزء الثاني يتحدث عن تراث ومعالم وأعلام حلب الشخصية وأصدر عام ٢٠١١.
-ما أهمية دراسة التاريخ، وما الفرق بين المؤرخ والكاتب؟!
لدراسة التاريخ أهمية كبرى ” لتعيش حاضرك عليك أن تعرف ماضيك ” ولكن لا يجب أن نقف عند الماضي ونظل عالقين فيه .على الماضي أن يشكل لدينا الدافع والرغبة لتحسين الحاضر. هناك فرق كبير بين الكاتب والمؤرخ، فالكاتب يستلهم الأحداث استلهاماً. أما المؤرخ فهو يكتب الحقائق من خلال النظر إلى تقاطعاتها. هو يعمل جهده بأن يكون موضوعياً إلى أكبر حد.
-كرمت كثيراً، ماذا يعني لك التكريم بعد هذا العمر ؟!
أنا الآن وصلت لعمر الثمانين والتكريم أعده إعادة حياة ودافعاً لأن أستمر في حياتي. وكما قال زهير بن أبي سلمى: سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولاً لا أبا لك يسأم.
-وختاماً ماهي آمالك وتطلعاتك، وماهي مشاريعك المستقبلية؟!
أملي عودة السلام والأمان وغربلة الأفكار القديمة والرجعية لكي نعيش السلام الحقيقي في حلب وفي كل سورية، وأن تعود حلب كما كانت فقد صنفت أقدم مدينة في العالم حيث يوجد فيها ٧٧٠ موقعاً ومبنى أثرياً حسب كتاب “جوته” أما عن مشاريعي المستقبلية فأنا بصدد توثيق سيرة شهداء الفكر والحرية أمثال:” رزق الله حسون – جبرائيل دلال – وعبد الرحمن الكواكبي ” إضافة لسيرتي الذاتية.
رقم العدد 15778

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار