” حليب حلب ” قراءة نقدية في ثقافي الصاخور

الجماهير /نجود سقور
الأدب ونقده حالة فنية قبل أن يكون دراسة وعلما والنقد هو فن تفسير الأعمال الأدبية ومحاولة من الناقد بفكره وذوقه للكشف عن مواطن الجمال أو القبح ،الإيجابي أو السلبي في الأعمال الأدبية.
تحت مسمى النقد أقامت مديرية الثقافة في حلب والمركز الثقافي في الصاخور قراءة نقدية للأستاذ زياد مغامس في الجموعة القصصية “حليب حلب” للقاص بشار خليلي على مسرح المركز الثقافي في العزيزية قدم لها الأستاذ محمد سمية الذي بدأ المحاضرة بتوطئة وتعريف عن القاص بشار خليلي وعن مجموعتيه القصصيتين “حليب حليب ” موضوع النقد والأخرى” الأخطاء”، ثم تلا خليلي مقاطع من مجموعتيه .
مغامس وصف المجموعة القصصية بأنها ابتعدت عن الغث المعهود في غيرها وهي من الكم الذي يتقدم نحو المراتب المتقدمة في فن القص الحلبي مضيفا أن أسلوب المجموعة سلس والمعاني والألفاظ سهلة قليل التكلف في التعامل مع الكلمات الحلبية الأصل كان القاص فيها أديبا متجوﻻ يطوف حارات حلب .
وبين أنها من المجموعات القليلة التي أنجزت في ميدان التربية بعمق إذ أفرزت للتربية حيزا ضم خمس عشرة قصة تحدثت عن مشاكل المدرسين مع الطلاب ومع المحيط وعن تحملهم السخرية نتيجة الفقر اوﻻ واﻻخلاص الذي كاد أن يغرق في مستنقع اﻻستهلاك والفقر دون أي تشهير بل كانت الإشارة تلميحا عبر بدلة كالحة اللون وحذاء مثقوب ،كما خصت المشكلات ومعالجتها بكم ﻻبأس به وأشارت إلى أن الخطأ ﻻيصحح بخطأ.
وتابع أن اللافت في المجموعة الزرقاء كما أسماها أن أبطالها مهزومين ولم تلتقط سوى السلبيات والهزائم كالمدرس الفقير والزوج العقيم والتاجر المدلس والموظف المهمل والطفل الميت والطبيب المستغل …ولكن براعة القاص جعلت المتابع يرضى عن هذه الهزائم ويقر بها بطريقة تحفل بالإثراء والنضج.

وبين مغامس أن خصوصية السرد والمعالجة تصل بالمتابع لما أراده الكاتب وطريقة المعالجة دعته الى اجتراح الجديد في الشكل فهذه قصة مقهى العطري تبدأ من الحركة كأنها مقطع مجزوء من حدث مستمر وفيها تحدث عن إنسان يسير ويروي صغره في هواء الحميدية وصوﻻ لمقهى العطري والعودة الى الفرافرة تلبية لنداء الحبيبة
يفتح عمر صدره إلى أقصاه يتهيأ في خشوع ﻻستنشاق أنفاسها ،بينما تتعالى في الفرافرة أصوات العود والقدود والموشحات نافورة ضياء شجي في ليلة عجيبة قمراء.
وفي قصة “قاعة العرش ” يمزج الحاضر بالماضي بالتسويف بالعودة إلى الماضي المستمر حيث تمتزج اللحظات ويختلط الحابل بالنابل لأن السيدة الأنيقة تريد أن يصلح عطب الحاسوب بواسطة سائس الخيل لأن العطل جر وسمعت أن الجر يحتاج لمن يجر ويكافئ سائس الخيل وفيها تعريض واضح بجهل الآخرين حتى بأبسط قواعد المعرفة.
ويستكمل الناقد قراءته النقدية بقصة أخرى تبدأ بالمقلوب وهي المسماة (ثلاثية الغفلة) تبدأ بالموت فالجنون فالحب وتحتاج قراءة من النهاية إلى البداية (أيها الموت أنا قادم فافتح القبور ﻻستقبالي )وتنتهي(أيها الحب أنا قادم فافتح الحبور ﻻستقبالي ).
ويستعرض أيضا قصة “النافذة” التي تتحدث عن زنزانة ﻻنافذة فيها والنافذة حلم المساجين وقصة “حكاية سعيد وهشام” التي فصلت فيها التفاصيل
والتواقيع وقعت والزغاريد أطلقت لكن البيوت تمنعت ،مبينا أنها من أنجح القصص التي عالجت قضايا السكن وعرضت مشاكل الأزواج الذين لم يتزوجوا الا على الورق.
وختم قائلا :
تخلق الجمل بتراتبيتها وحملها للتناقض والقصر والإيحاء المحيل إلى الواقع جوا أعظم تعبيرا عن المعنى وبتضافر حركة الجمل مع نتاج الصور تخلق لوحة انطباعية تغمر المتابع بجوها وتجعله يعيش كثيرا من جزئياتها مضيفا أن القاص حمل جمله بسرديات تختلف عن سرديات الآخرين بإيحاءات ودﻻﻻت نفسية دالة على المبدع بالذات وليس سواه من ممارسي هذا العذاب الفني.
رقم العدد ١٥٨١٠

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار