شكيب الجابري والريادة الروائية ..في ندوة لثقافة حلب

الجماهير /عتاب ضويحي

أقامت مديرية ثقافة حلب ندوة أدبية حول (شكيب الجابري والريادة الروائية) وذلك ضمن احتفالية حلب عاصمة الثقافة السورية، شارك فيها الدكتور محمد حسن عبد المحسن، الدكتور أحمد زياد محبك، الدكتور نذير جعفر والأستاذ حسام خضور وأدار الندوة الدكتور فايز الداية .

تناول الدكتور عبد المحسن حياة شكيب الجابري والمحطات التي مر فيها، من تعليمية وسياسية وأدبية، فالجابري من أسرة ثرية مشهورة بوطنيتها في حلب، من أعمامه إحسان الجابري وسعدالله الجابري، نشأ نشأة علمية درس الفيزياء والمعادن، جمع بين الأدب والعلم، من أوائل أعماله الأدبية رواية(نهم) طبعها بطبعة سريعة، ومهد لها ببعض الأشياء المثيرة، أحدثت الرواية ضجة كبيرة بين القراء والنقاد، وفي روايتي (قدر يلهو) و(قوس قزح) ظهر فيهما تأثر الجابري بالثقافة الغربية والمرأة الأوروبية، كما أن العلاقة الصدامية بين الشرق والغرب، كانت محور الأساس لأعماله لكن بدرجات متفاوتة، كما أدخل الجابري الأساليب الأدبية الغربية في رواياته، كالرسائل والمذكرات، وهي أساليب لم تكن متداولة في الرواية العربية.

ويختم الدكتور عبد المحسن بأن الجابري كان البطل الأصلي لرواياته، وتجلى الطابع القومي فيها لاسيما في رواية (وداعا يا أفاميا) وهي محور حديث الدكتور المحبك حيث صدرت الرواية عام 1935في عهد الانتداب الفرنسي، تدور أحداثها في أطلال أفاميا السورية، وسهل الغاب وغابات الفرلق باللاذقية، بطلها سعد الشاب صياد الجميلات والغانيات، ورغم انغماسه في لذاته، إلا أنه يبحث عن الصفاء والفطرة والبداوة، وهي ماوجدها بغابات الفرلق، يبحث عن معدن ثمين ويصعد الجبال ويقرأ الشعر، وفي هذا تتجلى الروح والصفاء لدى الكاتب، تدور الأحداث ليلتقي سعد بنجود الفتاة البدوية الطاهرة، التي تتعرض لمحاولة اغتصاب من قبل أحد أعضاء البعثة الأوروبية التي تنقب عن الآثار، لتهرب خوفا أن يقتلها والدها، وتتوه في الغابات لتصل أخيرا لسعد الذي ينقذها ويعلمها الكتابة، وتقع في حبه، وعندما تحاول أن تمنحه نفسها ويرفض ذلك تتركه ظننا منها أنه جرح كرامتها، لكنه في واقع الأمر كان يريد الحفاظ على براءتها وعفتها، وأن يتخذها زوجة له.

الرواية كما قال محبك تحلت بسمو الروح والصفاء، وفيها من شخصية الجابري بخيال وتخييل، لغتها راقية وشعرية، ونجود هي الوطن سورية الصافية الطاهرة، وسعد سعادة العلم والشعر الصوفي والجمال الذي لايقال، وفي سياق متصل تناول الدكتور نذير جعفر رواية نهم التي تثير في كل مرحلة زمنية نقاشا، العنوان يعني النهم للحياة والمغامرة والمرأة .

رواية رائدة ليست في زمنيتيها بل في تقنيتها الفنية ومقاربتها للمجتمع الغربي، ويتابع جعفر بأن الجابري قدم فضاء مكاني وزماني مختلف عما ألفناه في الشرق، استخدم تقنية مهمة هي الرسائل ثم الفلاش باك والراوي والمتكلم،الرواية فتحت بابا لتقديم صورة الغرب و مزاج الشخصية الغربية، وقدم نموذج (الدنجوان) الأول في الرواية العربية، كما خلصت السرد العربي من المحسنات البديعية السائدة في المرويات والسرديات، رواية مثيرة تشد القارئ جعلها في صف الريادة .

واختتم الندوة الأستاذ خضور بتناوله الزمن الذي كتب فيه الجابري أعماله وهل عكس هموم الواقع وهموم الكاتب نفسه، فالجابري لو انتقل للرواية ولم يذهب للسياسة، لأمكنه أن يكون مؤسس الرواية السورية دون منازع، في روايته تأثر واضح بالغرب، الشخصيات البيئة وتقنية الكتابة، وطرح خضور تساؤلا بما أن روايات الجابري كتبت في العقدين الرابع والخامس من القرن العشرين، أي زمن الانتداب الفرنسي، وهو المعروف أي الجابري بوطنيته ومناهضته للاحتلال الفرنسي، وخروجه بمظاهرات، وتعرضه للسجن والنفي، إلا إنها غابت في رواياته، معللا ذلك والكلام للخضور إما لنظرة الجابري الأرستقراطية أو الفكر المحافظ أو للمذهب الرومانسي الذي اتبعه، هناك مقاطعة بين الرواية والواقع، الجواب مرهون بالبحث والتدقيق من قبل الباحثين.

تخلل الندوة شهادات حية لنضال الجابري ضد المحتل الفرنسي و مناقشات وتساؤلات ومداخلات من الحضور الذي تنوع بين الأدباء والكتاب والمهتمين بالشأن الأدبي.

ت هايك

رقم العدد 15843

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار