في اليوم الثاني لمهرجان الجابري للإبداع الروائي …تكريم عدد من الأدباء ..ودراسات إبداعية لعدة روايات في زمن الحرب

 

الجماهير – أسماء خيرو

 دراسات تحليلية إبداعية لرواية حبس الدم وروايات أخرى وتكريم لعدد من الأدباء في اليوم الثاني لمهرجان شكيب الجابري للابداع الأدبي وذلك في ندوة بعنوان ( حلب في رواية الحرب ) والتي أقامتها مديرية الثقافة على مسرح العزيزية بمشاركة أربعة أدباء ( بيانكا ماضية – محمد جمعة حمادة – صلاح الدين يونس – غنوة فضة ) وذلك في إطار استمرار فعاليات احتفالية حلب عاصمة الثقافة السورية ٠

في بداية الندوة قدم الأديب صلاح الدين يونس دراسة لرواية اليوبيل الماسي للمؤلف “قحطان مهنا” فقال :الرواية تقع في ٣٠٠ صفحة تتحدث عن أحداث إنهيار برجي التجارة العالمية في نيويورك 2001 وتصور أحداث حلب حيث يضع الكاتب القارئ في جو من الغرابة مما يدفعه للتساؤل كيف حدث هذا ؟ويدفعه للبحث حتى يعلم كيف حدث؟ ثم ُيعرف المؤلف القارئ بالتفاصيل بتوثيق مرويٍ للأحداث ومن ثم ترتيب صورة الواقع الافتراضي وكأنه صورة الواقع ولاسيما البشر في الرواية فمعظمهم من الصنف العالي بفعل العلاقة بين الذات والخارج وتحت شرط نظام الشركات الرأسمالية التي تنمو مستلبة للأقوى من حيث ارتباط المال كقيمة أساسية في عالمنا ولكنها تبقى مشدودة للأصل مهما أبعدتها الجغرافيا ومهما فرقتها الأرقام كما يفسح الكاتب المجال للأجواء السياسية التي سبقت الإعتداء الأمريكي على العراق فمتن الرواية لايخلو من الإعلام والإعلام المضاد ليقع السرد في بنية حكائية على حساب البنية المعرفية فيذكر المؤلف مجموعة من الأسماء العربية وخاصة ذات الأصل الحلبي والتي تحمل مؤهلات علمية مختلفة ٠

كما يظهر الكاتب انفتاح العالم الأمريكي على الأفراد المتميزين من الشرق ٠

ويشير في الرواية إلى أن الدمار والخراب قد أُسس له في الغرب ولاسيما في الولايات المتحدة الأمريكية فيصور الأحداث الدامية التي حدثت في سورية من خلال الجولة الميدانية في حلب من قبل شخصية “عبود “ثم في ختام الرواية يتطرق إلى القضية الفلسطينية وصلتها بالأزمة السورية وبشكل من أشكل الفنتازيا السياسة يتحدث عن تحقيق نبوءة الحلم القومي العربي ذو الجذر الواقعي وذلك بعودة أهل فلسطين إلى وطنهم ٠

وبدراسة تحليلة لثلاث روايات تناولوا الحرب على سورية ( حبس الدم لنضال الصالح- منديل في مهب الريح لبهية كحيل – وحدث هنا في حلب لمنى تاجو ) تحدثت الأديبة والزميلة الصحفية بيانكا ماضية قائلة : الروايات الثلاث تناولت الحرب في حلب فتحدثوا عن الانقسام في المعتقدات والأفكار والمواقف وانقسام المجتمع بين مؤيد ومعارض فكان اللون الأسود واللون الذي باتت عليه مدينة حلب حيث أصبحت مدينة الموت بلا منازع هي أشلاء ذاكرة خالية من أسماء من فارقتهم ، النيران التهمت كل شيء الأجساد والأرواح والأماكن وانتشرت رائحة الدم في كل مكان وكان المعبر هو المكان الأكثر تعبيرا عن حالة التشظي والانقسام، حيث قسم المعبر حلب إلى قسمين يفصل الشرق عن الغرب ٠

ثم تابعت ماضية قائلة : كل ما كانت تطالعنا فيه الروايات الثلاث هو تخيل الدمار والخراب وتشظٍ وانقسام ففي رواية حبس الدم نجد الانقسام يحدث في المقهى بين مثقفي الفكر ٠وفي رواية “منديل في مهب الريح” يحدث في الجامعة بين شخصيات الرواية ( آ مال- وبشر- ورجاء ) ويحدث في رواية” حدث هنا في حلب “من خلال تجارب عديدة على لسان شخصيات حقيقة منها (الحاجة زهيدة )٠

فالتشظي في الروايات الثلاث لم يكن أحاديا كان متعدداً طال الأمكنة والذوات والأفراد والأسرة الواحدة والزمن والعلاقات الاجتماعية وحتى طال كلمات الرواية والبناء الفني والحبكة والسرد فجاء السرد مبعثرا ناتجا عن تشظي وتبعثر حياة حلب وأهلها ولكن ورغم كل هذا كانت الروايات الثلاث تستنكر وترفض أي مسار يفضي إلى التشظي من خلال أحاديث الشخصيات وكلام الراوية نفسها ٠ وفي النهاية لم تفلح كل محاولات التبعثر والشتات بأن تلغي مفهوم الانتماء الوطني ٠

ثم قدمت الكاتبة غنوة فضة دراستها عن روايتي “حبس الدم لنضال الصالح “وطابقان في عدرا العمالية للكاتب صفوان ابراهيم٠

فقالت : في رواية حبس الدم تبدو حلب البطلة والمعشوقة الأولى والأخيرة والمدينة النائمة بجسد ملكة غارقة في غيبوبة سحرية وكأنها تلقت تعويذة موت سحرية لفظها عالم سفلي ممرد بالشر ديدنه القتل وسفك الدماء لتأتي الرواية مثل مسحة أمل تنهض جسد المدينة المنهك من سبات آن له أن ينتهي عاد الأديب عبرها إلى تاريخ المدينة الحافل بالأحداث حتى فترة حكم الحثيين لها وجعل من الحفر في عمق تاريخها قيمة أساسية لنص يكثف الأزمنة ويستشهد بكبار علمائها وكتابها كخير الدين الأسدي مشيرا إلى موت الأخلاق والقيم والمبادئ ٠أمافي رواية” طابقان في عدرا العمالية”، فكانت توثيق حي لفجيعة حدثت في مدينة عدرا العمالية خلال محاصرة المجموعات الإرهابية لهذه المدينة وحصول مجزرة فيها، فتحكي الألم السوري بتفاصيله المريرة ثم انتصار الحب السوري ومن الرواية( الحب في بلدي أقوى من كل الوحوش – وأقوى من سكاكين الذبح المقروء عليها اسم الله زورا وبهتانا )

وبدوره قرأ الأديب محمد جمعة حمادة دراسته عن أربع روايات وهم ( كمنديل في مهب الريح – ودوار الموت مابين حلب والرقة للمؤلف فيصل خرتش – وشقة على شارع النيل للمؤلف حمد زياد محبك – وحبس الدم ) قائلا : كل ماكتب عن الحرب لايرتقي إلى ماكتب العسكريين من بطولات حتى يومنا هذا وأنا اليوم في دراستي هذه سأحاول أن أسلط الضوء على “رواية حبس الدم ” و”دوار الموت مابين حلب والرقة” لأن الروايات الأربع اشتركوا في تجسيد نفس الأحياء والمحلات والأسماء حتى الأماكن كساحة سعد الله الجابري والفندق السياحي وغيرها من أحياء مدينة حلب ٠٠

ففي حبس الدم الكاتب نضال يتماهي مع خير الدين الأسدي لكن يذكر كل قنوات الإعلام ويوثق كيف تم الهجوم بالسيارات المفخخة في كل موقع من حلب كما يتحدث عن المثقفين الذين انقسموا في المقهى بين مؤيد ومعارض ٠ فهو يتماهى مع حلب كأنه يكتب بحثا فيكتب عن الأسدي وكل ما يتعلق به من قريب أوبعيد سواء في الكتب أو الدراسات أو من خلال من عرف خير الدين الأسدي ٠

وشخصيات الرواية كانوا (غسان – فاضل – فهد ) والرواية فيها تقارب التاريخ بالواقع توثق سنوات الحرب من آذار ٢٠١١ كما تحكي قصصا مؤثرة حدثت أواخر ٢٠١٣ وبدايات ٢٠١٤ كارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية إضافة إلى انقسام الأهالي إلى ثلاثة أقسام( الشجاع المخاطر – الخائف – والتاجر المستغل) فبين نضال في روايته أن الحرف مسؤولية وهو ليس ضد أي كاتب له موقف معارض كما اقتبس عبارات عن كتاب عرب وغربيين٠

لغة الرواية عالية والسرد لاتعثر فيه يحتفظ بحيويته، فيها عشرين فصلا بعنوان( مقبرة الصالحين وقبض الريح ).

أما رواية فيصل خرتش فالراوي وثق ماشاهد وكان كاتبا ساخرا بحق ٠ وبكلمة ختامية أنهى جمعة دراستة قائلا النص الأدبي هو بالضرورة انعكاس لذات الكاتب ورؤاه وتجاربه الشخصية وأحلامه وذكرياته وتخيلاته ومعرفته الثقافية فهل يمكن للكاتب أن يكتب أدبا روائيا عن حدث انساني بينما الحرائق والعواصف تأتي على كل شيء ولا تبقي غير الدم حبرا الكتابة ؟؟

وتخلل الندوة عدة مداخلات حول الأدب الروائي زمن الحرب .

وفي ختام الندوة تم تكريم وزارة الثقافة لعدد من الأدباء وهم ( بيانكا ماضية – أحمد زياد محبك – حسام خضور – نذير جعفر – وصلاح الدين يونس – محمد جمعة حمادة – غنوة فضة ) وحضرها عدد من المثقفين والشعراء والأدباء والمهتمين ٠

ت هايك

رقم العدد ١٥٨٤٤

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار