الفنانة الركبي في لقاء خاص ” للجماهير ” : التمثيل جزء ﻻ ينفصل عني ـ أتمنى قبول خريجي المعاهد المسرحية من الشباب في عضوية النقابة ـ دراما الأزمة يجب أن تعكس التفاؤل والأمل ـ في حلب كتاب مسرح متميزون يجب الاستعانة بهم ـ التركيز على اللهجة المحلية أكثر في ا

الجماهير / نجود سقور

ممثلة سورية من مواليد حلب هي ابنة المسرح وأقدم رواده أحبته وأعطته من روحها وقدمت على خشبته الكثير من أجمل العروض المسرحية فاستحقت أن تكون سيدة المسرح الحلبي، عاصرت الفنانين المسرحيين القدماء، بدأت مسيرتها الفنية منذ عام 1963، ساهمت في تأسيس مسرحي الشعب والقومي وشاركت في معظم المهرجانات المسرحية وكرمت أكثر من مرة.
للممثلة السورية هدى الركبي تاريخ فني ميزته الموهبة وحب العمل، عندما ﻻ تجد من الأعمال الفنية ما يلائمها ويناسب قدراتها فإنها تؤثر الابتعاد، صنعت لنفسها مكانة متفردة وملكت رصيداً من الأعمال الدرامية والمسرحية ما زالت محفورة في ذاكرتنا وهي الفنانة المثقفة التي لم تتخرج من جامعة ولم تدرس في كلية ولم تكمل حتى دراستها الإعدادية ولكنها قرأت طاغور مع أمها الإنسانة المثقفة التي حظيت بالقليل من العلم، ولكن النصيب الأقل منه آنذاك يعادل ما يصل إليه الفرد في وقتنا من تعليم جامعي حسب قولها.
وعن بدايتها وأبرز محطات مسيرتها الفنية ورؤيتها للفن تحدثت ” للجماهير ” في لقاء ساد فيه الود والألفة بصراحتها المحببة وابتسامتها الودودة قائلة: إن طريقها لم يكن معبداً بالورود ولم يخل من عثرات أهمها النظرة التقليدية السلبية للفن عموماً والمرأة الفنانة خصوصاً وحتى تتخطى هذه النظرة كان عليها عدم الاكتراث لتلك النظرة والالتزام وحب المهنة موضحة أنها تمردت نوعاً ما على عادات وتقاليد تلك الفترة وساعدها أبوها في ذلك وكانت في الحادية عشرة من عمرها سيما أنه كان من محبي الفن حيث أخذ بيدها وقدمت أول عمل مسرحي لها مع الفنانين نديم شراباتي وعلي مداراتي، في ناد تابع لمطار حلب. من هنا كانت الانطلاقة الأولى للخوض في غمار العمل المسرحي، وما شجعها أكثر أن أمها خاضت تجربة التمثيل في الفترة نفسها ولكن بشكل خجول واستمر عملها في نواد مثل اليقظة والنادي العربي للتمثيل ونادي الفنون الشعبية.
وأضافت: لم تكن يعنيني نظرة العامة وما يقولونه بقدر ما كان يعنيني المضي قدماً في مهنة التمثيل التي أحبها وأصبحت جزءاً ﻻ ينفصل عني حيث كان عدد النساء الفنانات آنذاك قليلاً جداً مشيرة إلى أنها سعت إلى التميز في عملها الذي توج بتكريم في مهرجان دمشق للمسرح 2008 تلاه تكريم آخر في مهرجان حلب المسرحي 2019 حيث إنها عبرت عن امتنانها لهذه اللفتة بتكريم الفنان وهو يشهد مسيرة أعماله ليحس بقيمته وقيمة ما يقدم لافتة إلى عدم جدوى التكريم بعد أن ينتقل الفنان إلى العالم الآخر.
وعن المسرح الذي هو عشقها وفيه برزت مواهبها الأولى نوهت إلى أنها بعد توقف قصير عن المسرح بسبب الدراسة ما لبثت أن عادت إليه بشغف أكبر مع المخرج حسين إدلبي الذي أتى من النمسا متحمساً للمسرح وأقام مسرح حلب الشعبي وكان بحاجة إلى عناصر نسائية وكانت الركبي من بين العناصر النسائية القلة التي عملت في التمثيل ومعه صقلت موهبتها المسرحية وقد تزامن هذا الأمر مع تأسيس نقابة الفنانين والمسرح القومي وتدرجت في الأعمال المسرحية ومعظم أعمالها كانت على مسرح الشعب والمسرح القومي، وعملت مع نخبة من المخرجين المسرحيين بعد حسين إدلبي مثل: كريكور كلش ومحمد الطيب وإيليا قجميني ووانيس بندك ومن أهم الأعمال المسرحية التي قدمتها ( على جناح التبريزي، غيفارا، الأيام التي ننساها، انتصار الطب، هبط الملاك في بابل، الملك هو الملك، المرحوم، سمك عسير الهضم، خادم السيدين، المدينة المليونيرة، فرح شرقي، مشردون لكن ظرفاء ومسرحية للأطفال جزيرة التنابل التي قدمت في عام 2015 لإسعاد أطفال حلب).
وذكرت الفنانة الركبي أنها انتسبت إلى نقابة الفنانين عام 1971 بالمرسوم الجمهوري الذي تضمن ضم من ﻻ يحمل إجازة جامعية بعد قرار نقابة الفنانين بضم الجامعيين فقط واستمرت في العمل لصالح المسرح القومي حتى تقاعدت.
وعن الحال التي وصل إليها المسرح في حلب بينت هدى أنه مر بمرحلة مزدهرة حيث كان متميزاً بالنص وأداء الممثلين وبالرؤية الإخراجية لمخرجين تمكنوا من أدواتهم الإخراجية وعرفوا كيف يتلاءم النص مع رؤياهم مضيفة: كان المسرح يقدم عروضاً مسرحية هادفة لأعمال عالمية تستقرئ الواقع وتطرح ما يناسب المتلقي وتقدم حلولاً مستوحاة من قلب الواقع.
وعن المهرجانات المسرحية قالت: إنها تخلق حراكاً إبداعياً واجتماعياً وتولد حالة جدل وحوار مع الجمهور مبينة أن مهرجان حلب المسرحي الأخير عانى حالة من التأخر بالفكرة وبالأداء والسوية الفنية وتنقصه الخبرة، لافتة إلى ضرورة الاستعانة بذوي الخبرة وبمن لهم ماض مميز.
أثارت قضية مفادها: هناك كتاب مسرح متميزون في حلب مثل وليد إخلاصي وعبد الفتاح قلعه جي لماذا ﻻ نستعين بهم ونضيف قيمة ترفع من سوية أعمالنا المحلية؟! داعية إلى تحديد معايير لانتقاء الكفاءات والتأهيل والانضباط للنص والمخرج والممثل.
وفي التلفزيون والدراما الحلبية تكلمت الركبي عن أعمالها باعتزاز فقد عملت مع كبار الشاشة مثل: الفنان الكبير عمر حجو وبسام كوسا وأشارت إلى خصوصية العمل والاحترام القائم على التفاهم والمحبة مع المخرج هيثم حقي ومعه كان لها أول عمل تلفزيوني ” نقطة في بحر ” مشيرة إلى أن العمل في التلفزيون عزز لديها كيفية التعامل مع الكاميرا.
وأكدت الفنانة الركبي أن هناك الكثير من المسلسلات الحلبية نالت استحسان الجمهور ولاقت القبول وقدمت بسوية عالية ومنها: خان الحرير وسيرة آل الجلالي والثريا وطالع الفضة وصبايا بجزأيه للمخرجين ناجي طعمة وفراس دهني، لافتة إلى أن بعض الأعمال الحلبية التي أطلقت على نفسها دراما حلبية لم تكن بالمستوى المطلوب ولم تحقق انتشاراً، مبينة بعض الأسباب التي أدت إلى تأخر الدراما الحلبية ومنها اللهجة الحلبية الصعبة والأداء غير المتقن للهجة من ممثلين غير حلبيين ومما أثار حفيظة الفنانة هدى لجوء بعض المخرجين إلى تصوير البيئة الحلبية بشكل بعيد عن الواقع الحلبي ويخالف عاداته وتقاليده وبشكل مسيء أحياناً بالإضافة إلى اتجاه شركات الإنتاج الحلبية إلى الدراما الشامية (دراما العاصمة) وهذا برأيها أدى إلى تأخر الدراما الحلبية التي لم تأخذ حقها كما يجب، كما أن شركات الإنتاج بات همها الوحيد الربح المادي دون العناية بتفاصيل العمل الفني وبالتالي وصلت الأعمال الدرامية إلى مستوى أفرغ المضمون والمحتوى وهذا ينطبق عموماً على الدراما السورية.
وحول المسلسلات التي تناولت الأزمة السورية قالت: إنها ليست معها، فما يحصل في الواقع كارثي من موت ودمار وتهجير فلماذا ننقله إلى الدراما والمسرح؟! يكفينا ما نشاهده في الواقع، إن ما ينقل يشكل عبئاً ويثقل كاهل المتلقي، فرفقاً بمشاعر الناس وعواطفهم.. ولماذا ﻻ تكون هناك جرعة من الأمل والتفاؤل وأخذ المتلقي إلى فسحة من الأمل والحياة؟!
وعن تجاربها السينمائية ذكرت الركبي إن لها مشاركات عدة منها: صهيل الجهات للمخرج ماهر كدو، تراب الغرباء لسمير ذكرى، شمس الأصيل لمحمد ملص وبقايا صور لنبيل المالح مشيرة إلى أن السينما عالم خاص يلزمه الاحترافية والدقة.
وكانت لها تجربة غنية في بعض الأعمال مع ماجد اسبير وبدر المهندس في إذاعة حلب.
في نهاية اللقاء تمنت قبول الشباب خريجي المعاهد المسرحية في عضوية نقابة الفنانين وأكثرهم من الشباب الموهوبين واختصار فترة التمرين من خمس سنوات إلى سنتين كحد أدنى منوهة إلى الحاجة لكوادر شابة مؤهلة وجادة في حبها للمسرح دون النظر إلى الجانب المادي فقط وختمت: أحب أن أشعر بكينونتي كفنانة وعلى الفنان أن يعرف متى يجب أن يكون حاضراً في الوقت الذي يستدعي حضوره.
رقم العدد 15912

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار