الفنان التشكيلي خلدون الأحمد ” للجماهير ” : الحرف العربي بطل لوحاتي وعلى الفنان أن يتعامل بحميمية مع تراثه

الجماهير /عتاب ضويحي
قيل عنه أنه جعل من الأحرف أشكالاً ذات ثلاثة أبعاد فيها المتعة والحكمة والعبرة ممزوجة بأجواء تجريدية، وقيل عنه أيضاً أنه حقق المعادلة الصعبة في توازنه بين التشكيل ورشاقة الحرف العربي،
الحرف في لوحاته حالة من الغناء اللوني والتكوين الجمالي، وتشكل النقطة محور دراساته الفنية، عشقه للحرف العربي كون بصمة خاصة به يعرفه المتلقي وإن لم يوقع العمل باسمه هو الفنان التشكيلي خلدون الأحمد، مواليد حلب 1967 عضو اتحاد الفنانين التشكيليين، دخلنا في عالمه الفني ولمسنا درجة عشقه للفن وللحرف العربي وكان ” للجماهير ” معه هذا الحوار :
– بداية ماهو العنوان الرئيس لحكايا لوحاتك التشكيلية؟
– حكايتي مع الفن جميلة وممتعة لأننا نمتلك تاريخاً عريقاً لحرفناً العربي، لا أعرف إلى أين يأخذني الحرف ولا إلى أين يوصلني، أشكله كلوحة تشكيلية لاتخضع لقاعدة الخط بل لحركته وتكوينه، مايزيد عن السنتين وأنا أعمل بجد على موضوع الحرف، صممت( 200) دراسة تكفي لإقامة ثلاثة معارض جميعها تركزت حول إظهار علاقة الحرف مع اللون والتكوين ومع الإيقاع الموسيقي والغنائي والفلسفي والطبيعي والجمالي للحرف، أتعامل معه كفن وحالة تشكيلية لونية.
كيف جمعت بين توازن التشكيل ورشاقة الحرف العربي؟
أي فنان يضع منذ بدايات مشواره الفني مفردة يعمل عليها مهما كانت مدرسته التشكيلية، ليكون ملامح شخصيته منها، وأنا استهواني لدرجة العشق الحرف العربي، اشتغلته كحرف كإيقاع وكتكوين جمالي مع سطح اللوحة يتماشى مع اللون، ليشكلان معا حالة غنائية جميلة تربط اللون مع الحرف ضمن تشكيل إيقاعي.
قيل عنك أنك حققت معادلة صعبة بهذا الخصوص فما رأيك؟
دائما التجربة المقدمة تسبقها صناعة للغة تشكيلية بصرية، في مرسمي أعد الكثير من الدراسات التي هي أعمالا فنية لكنني أسميها دراسات لأنها ستصبح عملا زيتيا في المستقبل، أصنع منها تكوينا يشبهني وطالما تمنيت لوكنت خطاطاً قبل أن أكون رساماً لأن الخط العربي جميل بتكوينه وحركاته أعطيه من خلال لوحاتي حضوراً تشكيلياً يتناسب مع الفن والحالة التشكيلية .
جعلت من الأحرف أشكال ذات ثلاثة أبعاد فيها الحكمة والمتعة ورموز ذات عبرة مزجتها بأجواء تجريدية كيف تعلق على هذا الكلام؟
الأجواء التجريدية باللون من خلال علاقة اللون مع الحرف، أعطى حضوراً للحرف بحيث يتواجد على سطح العمل مع متممات اللون، عملت على جماليات وإيقاع الحرف وأعطيه إنسيابية وتقنية خاصة بتكوين الحرف وعلاقة الحروف ببعضها لتكوين عمل تشكيلي لحالة فسيفسائية جميلة تتماشى مع جمالية الحرف العربي .

– هل يحتاج المتأمل للوحاتك التدقيق والذهاب بالخيال إلى مراحل بعيدة حتى يفهم المعنى الحقيقي للوحة؟
– ليس شرطا فالفن لغة بصرية لايحتاج للغة خاصة، كل القراءات للوحاتي صحيحة سلبية كانت أم إيجابية، وتعدد الآراء حول العمل الفني يعتبر نجاحاً له، أنا لا أعتمد الشرح في معارضي بل أقدم لغة بصرية وتشكيلية وعلى القارئ بثقافته الفنية أن يقرأها ويفك رموزها التشكيلية.
– ماهي الاستراتيجية التي تتبعها في توظيف اللون وإظهار المدلول العام للوحة؟
– توظيف اللون يعتمد على فلسفة خاصة، فالألوان تفرض نفسها على العمل بناء على تصور مسبق في ذهن الفنان للمشهد التشكيلي للون، والعمل الفني التشكيلي يحتاج للراحة والتنفس ويخضع للجواب والقرار كالسلم الموسيقي، هناك حوار لوني في العمل فاللون يدخل في تفاصيل الحرف ويعطيه جمالية وحضور تكويني، ومرات عديدة بعد أن أنهي لوحتي أجده ثقيلا لونيا ولا أجد نفسي فيه، أو أرى أن اللون طغى على الحرف، أعود من جديد وأغير الألوان وأستخدم بعض الألوان كعلامة فارقة وكسر الألوان الباردة بالألوان الحارة.
– مامدى ارتباط الحرف العربي ببيئتك؟
الحرف بطل لوحاتي، الأحرف العربية كالواو والياء والقاف فيها حميمية فلسفية جميلة تذكرني انحناءاتها بأبواب بيوتنا القديمة والقبب والأقواس والقناطر، تفاصيل حاراتنا وتراثنا وتاريخنا بكل مافيه من مخزون وموروث ثقافي، هذا الإنحناء في الحرف يعني الإنحناء للمكان والأشخاص، والفنان يحمل مسؤولية كبيرة في الحفاظ على هذا التراث وحفظ هويتنا الشرقية الموغلة في القدم والأصالة، كل عمل يلامس بيئتي بحروفها ولونها هو بمثابة بناء بيت وزرع الياسمين.
– كيف ترى الحركة التشكيلية في حلب؟
– أراها في حالة انتعاش فقد رأينا إقامة الكثير من المعارض سواء من قبل مديرية الثقافة أو اتحاد الفنانين التشكيليين أو الصالات الخاصة بحلب، وهذا دليل على إرادة البقاء والاستمرارية رغم الظروف التي مر بها بلدنا وأود القول وأنت ترسم تذكر أن العمل التشكيلي هو عملية ولادة للوحة لتبصر النور أخلص لها دائما.
رقم العدد ١٥٩١٧

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار