الحياة الجامعية الأولى ..اختلاف النظرة للحياة الجامعية عن الواقع …؟! الطلبة يصدمون بتعامل الدكاترة والأجواء غير المريحة ..وفرض تخصصات لم تكن في رغباتهم ..

 

الجماهير / هنادي عيسى

الجامعة هي ذلك الصرح الذي يضم بين جدرانه مختلف شرائح المجتمع تحت راية واحدة هي راية العلم والفكر وهي حلم يراود أغلب الطلاب في مراحل الدراسة إذ أنها تجمع بين الراحة والحرية والابتسامة والعلم والثقافة والترفيه في مكان واحد وتعتبر السنوات الأولى في المرحلة الجامعية من أهم المراحل في حياة الطالب وأكثرها حساسية كونها تؤثر في بناء شخصيته ومستقبله كما أنها الخطوة الأولى لحياة جديدة تختلف كلياً عن حياة المدرسة حيث أنها تجبر الطالب على اكتساب مهارات جديدة لمواكبة الحياة والتحصيل العلمي الجيد والتكيف مع الظروف سواء كانت قاسية أو لينة و أيضا تفرض على الطالب الاعتماد على نفسه و اتخاذ قرارات فردية تبرز إمكانياته في رسم مشواره الدراسي وتعامله مع محيطه ووصوله للهدف الذي يسعى إليه .
حلم وردي وواقع اسود بسبب نقص علامة
لم تكن الجامعة كأحلامي الوردية الطفولية لم تكن ككل الكلام الذي قيل عنها وراودني في أحلامي بل كانت تختلف كثيرا …بهذه الكلمات بدأت زينب حديثها عن عامها الأول الذي قضته في الجامعة وتقول عندما كنت في المرحلة الثانوية كنت أحلم وادرس كثيراً لكي أتمكن من دخول الجامعة واختيار الفرع الذي أحبه ولكن رغم حصولي على مجموع جيد جداً إلا أنه حالت درجة واحدة فقط بيني وبين الفرع الذي اجتهدت طوال حياتي لدخوله واضطررت إلى اختيار فرع آخر وهذه كانت أول خيبة أمل لي وكان لدي صعوبة في تقبل الفرع الذي اضطررت لتسجيله وعند دخولي الجامعة لم استطع التأقلم مع جوها والروتين القاتل وصعوبة التعامل مع أشخاص من فئات مختلفة وتكوين صداقات جديدة تختلف كلياً عن صداقات المدرسة .

– اساليب تعليم مختلفة من دكتور لآخر

سموأل طالب في كلية الهندسة الكهربائية : بداية دخولي للجامعة كان إحساسي يمتزج بين الفرح والاستغراب ، الفرح بسبب دخولي لفرع أحبه والاستغراب لأنني لم أكن أعرف شخص أكبر مني قد سبق ودرس لذا كان كل شيء جديد بالنسبة لي بداية دخولي للجامعة لم يكن صعب علي التعرف إلى زملاء جدد لأن هذا من طبعي ولكن كان الجديد بالنسبة لي هو التعامل مع افراد من بيئات مختلفة ومحافظات مختلفة وهذا ما أحببته بغالب الأحيان لأن ذلك يمنحك شعور بالانتماء لكل الوطن وليس فقط لمحافظة او منطقة معينة ، بالطبع واجهت بعض الصعاب كان اكبرها وسائل النقل العامة من المنزل إلى الجامعة بسبب بعد منزلي نسبياً عن الجامعة فكنت مضطراً للذهاب بوقت مبكر جداً قبل بدء المحاضرة بساعة أو أكثر وكانت الصعوبة الأكبر العودة بوقت متأخر حيث كنا ننتظر لساعات في بعض الأحيان ومما يجعلنا في كثير من الأحيان نعاني من تكلفة إضافية هي أساساً مرتفعة نسبيا بالنسبة لنا اما بالنسبة لاسلوب التدريس فقد كان يختلف من دكتور جامعي لأخر، فمنهم من كان أسلوبه مشابه بشكل كبير لأسلوب المدرسين ومنهم من كان يلقي المعلومات بشكل سطحي جداً ويطلب منا البحث والدراسة الفردية.


– الجامعة روتين ولا شيء جديد
سارة طالبة إدارة أعمال : عند دخولي الجامعة في السنة الأولى كنت سعيدة جداً ولدي شعور أنني سأدخل حياة جديدة وأجواء جديدة تختلف عن أجواء المدرسة وعندما دخلت الجامعة كنت أعتقد انها شيء جميل جداً ، هي جميلة لا أنكر ذلك لكنها لم تكن مثلما توقعتها في البداية تكون جيدة وجميلة لكنها مع الوقت تصبح مجرد روتين ولا يوجد أي شيء جديد .
– مقررات كثيرة ودوام طويل
أما عمر وهو طالب هندسة زراعية يقول كنت سعيد جداً لدخولي الاختصاص الذي أحبه وأرغب به وكنت مستعد لخوض مرحلة جديدة من حياتي كنت على يقين أنها ستكون مختلفة عن حياتي السابقة ففي عامي الدراسي الأول تعرفت على أصدقاء مجتهدين ومناسبين لتفكيري أيضا استمتعت معهم بالدوام والرحلات وعشت حياتي الجامعية بشكل جميل ولم أكن أعاني إلا من الدوام الطويل والمقررات الكثيرة .
– صعوبة بالتأقلم مع الحياة الجامعية
رئيس قسم علم الإجتماع في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة حلب الدكتور أحمد بحري تحدث عن هذه المرحلة قائلاً : الحياة الجامعية هي من أهم مراحل الحياة وأروعها كونها مختلفة بشكل كلي عن المجتمعات المدرسية والطالب في السنة الأولى من هذه المرحلة وقبل أن ينتقل لسوق العمل ولحياة أوسع فإن كل ما يتأثر به سواء من ضغوطات نفسية أو مشكلات اجتماعية تؤثر عليه فيما بعد واذا عاش الطالب حياة جامعية صحيحة ينعكس ذلك على حياته المجتمعية خاصة في سوق العمل .
ويضيف بحري طلابنا يعانون من العديد من المشكلات وأكثر مشكلة يعانون منها هي التأقلم مع الحياة الجامعية والطالب الذي لا يستطيع التأقلم الكلي مع الحياة الجامعية ممكن أن يعاني من حالات اضطرابات ذهنية أو حالات اكتئاب أو قلق خاصة فترة الامتحانات أو مسألة الخوف من الفشل وهي مسألة مهمة جداً .
الحرية باختيار الاختصاص و بين الدكتور بحري أن هناك بعض الأدوار كي يكون التأقلم مع الحياة الجامعية صحيح هي دور للطالب نفسه إذ أن حرية الطالب باختيار تخصصه الذي يرغب به يؤثر كلياً على مستوى تحصيله العلمي وكلما زادت حرية الاختيار زاد مستوى الرضا والقبول .
و دور الإدارة الجامعية وهو مناط بثلاث أمور أولها كيفية جعل الطالب الخارج من مرحلة الثانوية يتأقلم مع حياة مختلفة كلياً عن حياة المجتمع المدرسي حيث أن الطالب في المرحلة الثانوية يكون معتاداً على نظام معين( الدوام ، الدخول ، الخروج المواعيد) تبقى مضبوطة أما في المرحلة الجامعية وخاصة في الكليات النظرية فإن الطالب غير ملزم بالدوام ,أيضاً الطلاب الذين لديهم مشكلة بالتأقلم مع الحياة الجديدة التي هي منفتحة أكثر ممكن أن يعانوا من اضطرابات _ قلق نفسي _ تشويش للذهن وخاصة في بعض الكليات التي تعتمد في منهجها على طرح الآراء مثل أقسام الآداب التي تعنى بالثقافة ففي بعض الأحيان قد يسمع الطالب مجموعة آراء مختلفة عن الذهنية المجتمعية التي عاش بها أو البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها وخاصة العادات والتقاليد ، استمرار الاعتماد على اسلوب التنافس بالتعليم
يتابع البحري :ثانياً يتمثل دور الإدارة الجامعية من خلال إقامته لأنشطة غير تنافسية مثل الأنشطة الترفيهية استراتيجيات التعليم أي أن لا تأخذ الإدارة استراتيجيات التعليم التي تعتمد على التنافس فقط بل هناك استراتيجيات تعليم تقوم على الحوار وهناك استراتيجية جديدة هي التعليم عن طريق التسلية ولها فؤائد كثيرة في مجال الصحة النفسية ونحن حالياً نحاول أن نطبق بعضها أيضا ,التعلم عن طريق النكته وأخذ المعلومة عن طريق الفرح هو أكثر رسوخاً من الأنشطة التنافسية التي من الممكن أن تؤدي لمشكلات اجتماعية نفسية نتيجة الفشل واعتراف الطالب بالفشل وعدم قدرته على تخطي مرحلة الفشل قد يسبب له مشكلة مستمرة تنعكس على تحصيله العلمي بشكل دائم .


– ايجابية السلوك للقائمين على التعليم
يقول البحري :ثالثاً دور الجامعة بكل المستويات الموجودة فيها من الدكاترة حتى الموظفين بالتعامل مع الطالب فمثلاً الطالب يحتاج لأمر معين من أحد الدكاترة أو الموظفين فيجب أن تكون سلوكية هذا الدكتور أو الموظف عالية ويتعامل مع الطالب بصورة جيدة جداً كي لا يكون هذا الطالب صورة سلبية لأن هذه الصورة السلبية التي يكونها الطالب لاتقف عند هذه الحالة بل يمكن للطالب أن يعيد إنتاجها على آخرين .
– ضغوط مبالغ بها من قبل الاهل
ويضيف البحري :دور الأهل في هذه المرحلة هو دور أساسي يجب أن يكون توجيهي واشرافي و دفع الأهل لأولادهم لتكريس حياتهم للتحصيل العلمي يؤدي إلى نتائج عكسية لأن أي شي مبالغ فيه يؤدي إلى مشاكل نفسية متعددة ( إذا أن بعض الأهل عند دخول الطالب للجامعة يعتمدون مفهوم وخاصة لدى الفتيات أن الحياة الجامعية مكرسة كلياً للتحصيل العلمي فقط وممكن أن يرفض الأهل اي نشاط حتى لو كان ترفيهي فبعض الحالات مثلاً يكون لدى الأسرة طالبان في الجامعة شب وفتاة تمنع هذه الأسرة الفتاة من الخروج برحلة ترفيهية في الجامعة بينما تسمح للشب بالذهاب) ويجب على الأهل إنشاء لغة حوار خاصة بين الأهل والطالب فالتوازن يجب أن يكون فعال والمفروض من الأهل تشجيع اولادهم على التعليم وبنفس الوقت تركهم يعيشون حياتهم بحيث لا تؤثر على الأخرين ولا على تحصيلهم العلمي ولا على سمعتهم وتوجيههم بعدم إحداث مشكلات خاصة بالمجتمع ككل وطاعة القوانيين والجمع بين مصلحة الطالب الذاتية ومصلحة الأسرة ومصلحة الوطن.
– الحياة الجامعية الصحيحة ..
استراتيجيات الحياة الجامعية الصحيحة والمثالية بحسب رأي الدكتور بحري هي أنه على الطالب في السنة الأولى يجب أن يتعرف على طلاب جدد ويكون صداقات معهم وأن يبني علاقة جيدة مع الأساتذة المحاضرين وأن يقرأ الطالب في مجال تخصصه وعدم المبالغة في ممارسة النقد الذاتي ( لأن النقد الذاتي في بعض الأحيان قد يصل بالطالب إلى مرحلة الإكتئاب وقد تؤدي إلى تفكير بالانتحار ) وأيضاً إذا أراد الطالب التأقلم مع الحياة الجامعية التي هي إحدى مراحل نجاحه عليه أن يتعلم لغات أجنبية وخاصة في التخصصات التي فيها منتج علمي جديد أو حتى العلوم النظرية لأنه دائما هناك شيء جديد وهناك أمر أخر مهم هو أنه للوصول إلى حياة جامعية صحيحة على الطالب أن يرتب أولوياته ولا ينسى أن يخصص وقت للترفيه لأن الترفيه مهم جدا ً في حياة الطالب .
ختاماً يجب تضافر الجهود من أجل خلق حياة جامعية فعالة ومؤثرة تسهم في إغناء وبناء شخصية الطالب العلمية و الاجتماعية و الثقافية والتي ستكون فاعلة وتساعد في نهوض المجتمع وليس فقط تلقينه المعلومات .
ت: هايك أورفليان .
رقم العدد 16247

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار