الجماهير – م. ياسمين درويش
لخانات حلب الأثرية جماليات خاصة, وشهرة واسعة… فما إن يقف الزائر أمام واجهاتها حتى يسحر بالواجهات الباذخة الجمال المزينة بحرفية بنقوش ومقرنصات مميزة كما تبنى الواجهات عادة بالحجارة البيضاء التي يداخلها بتشكيلات متميزة الحجارة السوداء والصفراء, ويطالع الزائر على جانبي باب الخان شعار يدعى /الرنك/ بيضوي الشكل محفور داخله اسم الباني وشعاره, وحين يفتح الزائر باب الخان الضخم المصفح بالنحاس والحديد, يدخل إلى عالم بهي فيدلف بداية إلى الفناء /الباحة/ فيجد المستودعات والحوانيت تحيط بالفناء, وهي المستخدمة لإيداع البضائع أما وسط الفناء فتتوضع بركة ماء للتزيين وأحيانا يتوضع مسجد صغير وسط الفناء.
وما إن يرفع الزائر نظره إلى الطابق العلوي -إذ عادة يتكون الخان من طابقين- حتى يرى الرواق المزين بقناطر أو بسلسلة من الأعمدة المتقنة الصنع, ويلي ذلك الرواق المطل على الفناء مجموعة من الغرف كانت تستخدم لمبيت التجار والمسافرين.
وكلمة خان فارسية الأصل تعني المكان الرفيع أو المنزل, وكانت تستخدم في بلاد الشام للدلالة على المكان الذي يضم حوانيت التجارة, كما كانت الخانات الحصن الأمين الذي تلجأ إليه قوافل التجار للمبيت وتبادل البضائع.
وقد ساهمت الخانات في ازدهار التجارة في مدينة حلب التي اشتهرت بكونها مدينة تجارية على مر العصور, فصارت خانات حلب في طليعة خانات بلاد الشام من حيث علاقاتها التجارية مع المدن المختلفة, وجودة بنائها, وقد ظهرت الخانات بالشكل الذي نعرفه إبان القرن العاشر الميلادي, إلا أن الخانات التي لا تزال ماثلة ليومنا هذا تعود لعدة عصور أقدمها المملوكي كخان الصابون وخان القصابية وخان خاير بيك.
وبني العديد من الخانات في العهد العثماني كخان الجمرك وخان الوزير, وكان خان الميسر آخر الخانات التي بنيت بحلب عام 1910 ميلادي.
وقد بنيت الخانات لأغراض تجارية و كفنادق للمبيت, وقد وصل عدد الخانات في مدينة حلب إلى مائة وخمسين خان في نهايات القرن التاسع عشر.
ولبعض الخانات أبعاد روحية كخان /الهوكيدون/ في منطقة التلل, حيث كانت جموع الحجاج الأرمن لمدينة القدس تجتمع فيه في العهد العثماني, وكلمة هوكيدون تعني بالأرمنية البيت الروحي.
والكثير من الخانات الأثرية في مدنية حلب استطاعت العودة للعمل بطاقة عمل كبيرة, ونفضت غبار الحرب عنها لتبدو أجمل وأبهى.
وهنا لا يسعني إلا القول بأن حلب القديمة متحف كبير بما تحتويه من منازل ومساجد وكنائس وخانات وأسواق ومتاجر.
رقم العدد 16254