المشغولات اليدوية .. مشروعات صغيرة تستثمر أعياد الميلاد للصمود أمام تيار الغلاء ..

الجماهير – أسماء خيرو

أجراس أعياد الميلاد توشك أن تقرع بعد أيام قليلة لتعلن بدء الاحتفال بعيد الميلاد المجيد ، ومنذ سنوات الحرب وأعياد الميلاد اتخذت وجها آخر غير وجهها المعهود، إذ أن الاحتفال بعيد الميلاد يتم في حدود ضيقة تناسب الدخل الذي أصبح لايتوافق مع الغلاء الذي تشهده الأسواق السورية ، وبما أن الدخل أصبح لايكفي شراء مايلزم من حاجيات أعياد الميلاد اعتنقت نساء حلب حكمة كونفوشيوس التي تقول ( إذا أعطيتني سمكة فسآكل يوما وإذا أنت علمتني صيد السمك فلن أجوع أبدا ) وبدأن بتعلم حرف كثيرة كصناعة الحلويات – والخياطة – وصنع الإكسوارات – وهدايا الميلاد – وحرفة الكروشيه والتريكو- والعمل في مهن مختلفة لتأمين دخل إضافي يحسن من أوضاعهن المعيشية، ويجعلهن على مقدرة للوقوف أمام تيار الغلاء ..
سونا نبرسيسيان امرأة في العقد السادس من العمر ومع ذلك تعمل في صنع الألبسة الصوفية أوضحت خلال حديثها للجماهير بأن العمل في فن الكروشيه والتريكو بدأت به كهواية وعلى سبيل التسلية ولكن منذ عشر سنوات أصبح العمل بهذا الفن من أجل كسب المال وزيادة الدخل بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية ، فلم يعد بإمكان الرجل وحده أن يلبي كل احتياجات المنزل ، لذلك أصبحت تشارك في المعارض بمشغولاتها الصوفية من أجل تسويقها والترويج لعملها ،مستثمرة شهر أعياد الميلاد لبيع منتجاتها الصوفية من بلوزات وبلوفرات وشالات مختلفة الألوان والأحجام وقبعات ومفارش لمائدة الطعام وألبسة صوفية للأطفال من (ألاجين وقفازات) مبينة أن اختلاف أسعار كل قطعة يحدده الجهد وتكلفة مواد الخام من صوف وساتان ، مشيرة إلى أن العيد قبل الحرب وأزمة كورونا كان الاحتفال به مختلفا جداً إذ كانوا قادرين على شراء كل مايلزم من حاجيات العيد من ألبسة، وزينة لشجرة الميلاد ، وحلوى العيد فلم يكن هناك مايقلقهم ، أما العيد في الوقت الحاضر فأصبح يشكل عبئاً على العائلة لذلك الاحتفال اقتصر على أفراد العائلة الواحدة والعزائم أصبحت في حدود الممكن ولم تعد كما كانت تقام سابقا ، متمنية في هذا العيد أن يعود أبناؤها من بلاد الاغتراب حتى تحتفل معهم فلقد اشتاقت إلى(لمة العيلة ) ..

وتوافقها الرأي ربة المنزل آنا مويساتي التي تعمل مدرسة ودأبت لتعلم حرفة الكروشيه ، وصنع زينة الميلاد منذ أربع سنوات لتعيل عائلتها، فهي تقوم بشراء المواد الخام من خيوط صوفية وتنسج بأناملها الرقيقة القبعات الصوفية ، والباندات ، والميداليات وأغطية لجهاز الموبايل – وعلامات صوفية للاستدلال على صفحات الكتاب، بالإضافة إلى أنها تستفيد من بقايا زينة الميلاد وتعيد تدويرها لصنع هدايا عيد الميلاد ، فلقد صممت سلة وضعت فيها صنوبرا وطابات للزينة وغلفتها بقماش لونه أحمر لتقدم كهدية في عيد الميلاد ، كما ابتكرت نموذجا مصغرا لشجرة الميلاد مزينة إياها بالأضواء والشرائط الحريرية والدمى الكرتونية ، منوهة بأنها بعملها هذا تحاول صنع مشروعها الصغير الذي يعينها ويكون رديفا لها للصمود في وجه الغلاء المرعب إذ أن إنتاج المشغولات الصوفية، يدر عليها بعضاً من المال وفي الوقت نفسه يمنح الفرح لعائلتها ، فلا معنى للعيد دون سعادة وتفاؤل ، مؤكدة أن المرأة اليوم أكثر مما مضى بحاجة لأن تقف مع الرجل وتعمل معه يداً بيد حتى يستطيعا الوقوف في وجه تيار الغلاء الذي أرهق جيوب الناس ، فلم تعد لدى أحد المقدرة على مجاراة الغلاء دون عمل إضافي..

حكمة كونفوشيوس مكنت كل من السيدتين مويساتي ونبرسيسيان من استثمار ماوهبهما الله من حرفة للوقوف في وجه الغلاء ، جعلتهما تصمدا وتؤمنا بأن القادم سيكون أجمل بالرغم من الضغوطات والمصاعب التي تحيط بهما في ظل أزمة من غير المعروف متى تنتهي، وبالطبع هناك في حلب كثيرات مثلهما امتزن بشغفهن للعمل اليدوي ومنه انطلقن ودخلن سوق العمل لإعالة عائلاتهن والوقوف إلى جانب الرجل لتحسين واقعهم المعيشي قدر المستطاع ، مشيرين إلى أن العمل ليس عيباً بل ميزة تضاف إلى المرأة كونها نصف المجتمع …
ت : هايك اورفليان
رقم العدد 16254

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار