الجماهير – أسماء خيرو
ما الزمان؟ وماهي أنواعه؟ ولماذا تتم دراسته وفهمه ؟ وماعلاقة الإنسان به ؟ وماهي الدلائل على وجود الزمان المطلق؟ تلك كانت مجموعة من الأسئلة أثارها الدكتور حسين الصديق خلال محاضرة أقامها النادي العربي الفلسطيني بالتعاون مع اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين تحت عنوان ( الإنسان بين الزمانين المطلق والمقيد ) وقدمها الشاعر محمود علي السعيد في مقر النادي في الجميلية ..
وأشار المحاضر إلى أن الحضارات سواء الإسلامية أو العربية بأكملها كانت تقوم على دراسة وفهم العلاقة مابين الإله والإنسان والكون مبينا بأن الإنسان منذ بداية القرن العشرين تعرض إلى مايسمى التغريب الثقافي الذي أدى به إلى أن يكون على دراية ومعرفة بالثقافة الغربية أكثر من معرفته بالثقافة العربية” فالمثقف العربي يعرف الموسيقار بيتهوفن أكثر من معرفته بالعالم الغزالي “.
وأوضح المحاضر بأن الإنسان كائن زماني فوجوده مرتبط بنوعي الزمان المقيد والمطلق وبأن للزمان مقاييس ومعايير وأنواعا تتنوع مابين” الفيزيائي ، الإنساني الحيواني ، والإنساني البحت ، والنفسي إضافة للزمان الخاص بالنفحة الإلهية ” مضيفا بأن القرآن الكريم هو أول من تكلم عن الزمان المطلق، فالمطلق موجود في الإنسان شاء ذلك أم أبى ،ولاقيمة للزمان المقيد إلا بالزمان المطلق، وأن الفكر العربي الإسلامي ربط بين الزمانين وأحال الزمان المقيد إلى المطلق وجعل غاية الاثنين معا سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة ..
وبين المحاضر بأن الوجود الإنساني عبر الزمانين المقيد والمطلق يمر بمراحل بدءاً من مرحلة العلم الإلهي والحياة في رحم الأم وصولا إلى مجيء الإنسان إلى الحياة الدنيا ومن ثم الموت ، وأن الزمان المطلق يتقاطع مع المقيد والعلاقة بينهما علاقة أصل مع فرع وهما متلازمان، والمطلق هو الأصل والأكبر والأعم، وهو المحيط بالوجود بأكمله وهو الحاكم لأنه من جهة الله سبحانه وتعالى خالق الكون ، ولكن الإنسان لايشعر بالزمان المطلق بسبب انشغاله بالحياة المادية فما يحكم وجوده اليومي هو الزمان المقيد لافتا إلى أن هناك براهين وأدلة تثبت وجود الزمان المطلق وهي الأحلام الصادقة ، استحضار الأرواح ، حادثة الإسراء والمعراج ، الموت ، الكشف الصوفي ، وحالة النشوة في العلاقة الجنسية مابين الرجل والمرأة .
وختم المحاضر بالتأكيد على وجود الزمان المطلق وعلى ضرورة الاعتقاد به وإعادة ترتيب أولويات وأسباب الوجود وتنظيم الحياة من الداخل والخارج، فالغاية من المحاضرة كانت كيف يمكن أن يعيش الإنسان ويستشعر وجود الزمان المطلق، هذا العالم النوراني الرحب المليء بالمحبة والحنان الذي إن لامسه الإنسان ودخل فيه لن يرغب بالخروج منه وإن عايشه تعلق به ووجد فيه اللذة والرقي وسعادة لامثيل لها، ” فإن كنت لاتشعر به فلا يعني أنه غير موجود” ..