الجماهير – عتاب ضويحي
لمناسبة مرور الذكرى ال”50″ على رحيل الباحث خير الدين الأسدي، وتحت رعاية الدكتورة لبانة مشوح وزيرة الثقافة، أقامت مديرية الثقافة وبالتعاون مع جمعية العاديات وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بحلب، احتفالية ثقافية على مسرح دار الكتب الوطنية مساء أمس.
وأوضح المهندس محمد خير الدين الرفاعي رئيس جمعية العاديات أن العلامة الأسدي الباحث اللغوي، لطالما تردد على دار الكتب الوطنية الصرح الثقافي الذي شهد أحداثاً ثقافية مهمة، لينهل من مكتبتها العلم والمعرفة، وليقدم لنا خلاصة علمه وعصارة فكره ونتاج أبحاثه، التي تعتبر من أهم مرتكزات التراث الثقافي اللامادي.
وبدوره أكد جابر الساجور مدير الثقافة أنه في يوم تكريم الأسدي تبرز أمامنا ثلاثة نقاط مضيئة، أولها التأكيد على دور المعرفة الثقافية في إعمار بلدنا من خلال التوجه للإنسان وبناء شخصيته وفكره وأدواته ليكون لنا موقع في مسار الحضارات، والثانية أهمية المواصلة عبر أجيال الشباب في المشاريع الثقافية المستقبلية وتجميع جهود الباحثين للوصول بموسوعة حلب لمعناها الشمولي، وأخيراً أشار إلى أهمية التمسك بروح التعاون وتشابك الأيدي، لما فيه من تحقيق النماء الثقافي في مدينة حلب ابنة التاريخ، ولقد لمسنا ثمار التعاون المثمر مابين مديرية الثقافة وجمعية العاديات وجامعة حلب في مواقع كثيرة.
وتضمنت الجلسة العلمية الأولى حديث الباحث محمد قجة عن الأسدي وجمعية العاديات، وارتكز فيها على ثلاثة محاور الأول حول حلب وخير الدين الأسدي تطرق فيه لحياة الأسدي منذ ولادته بحي الجلوم الحلبي، مروراً بحياته التي شهدت الاحتلالين العثماني والفرنسي، والاستقلال والوحدة مع مصر والانفصال وثورة الثامن من آذار والحركة التصحيحية، هذه الأزمنة أعطته خبرة واسعة، ومافعله لحلب ولتراثها الثقافي لم يفعله إلا القليلون، لاسيما موسوعته حلب المقارنة.
وفيما يتصل بحلب والكلام للباحث قجة فللأسدي ثلاثة كتب، اثنان منها طبعا في حياته، وهما “حلب الجانب اللغوي من الكلمة”، طبعته مطبعة الضاد لصاحبها عبدالله يوركي حلاق، وهو كتاب أكاديمي منهجي يبحث في الأسماء التي أطلقت على حلب ، وكتاب “حلب أبوابها وأسواقها”، والكتاب الأخير “موسوعة حلب المقارنة” والذي يعتبر عملاً فريداً فيه توثيق للتراث الثقافي اللامادي في حلب.أما فيما يتعلق بدور الأسدي في جمعية العاديات فقد عمل أمين سر للجمعية ثم نائباً لرئيس الجمعية، وخلال عمله كما أوضح المحاضر كان الأسدي حريصاً على المشاركة برحلات الجمعية العامة في الأماكن الأثرية ورحلاته الخاصة إلى الدول الأوروبية والأفريقية وتوثيقها، وكان له حضور ثقافي ويتم مناقشة أعماله، وكجمعية استطعنا تحويل الموسوعة من مطبوعة إلى رقمية وتسجيلها في موسوعة غينيس.
وفيما يتعلق بمشاركة الدكتور ناهد كوسا رئيس رابطة أصدقاء العاديات في كندا حول “الأسدي أستاذي ومعلمي” ونيابة عنه لصعوبة حضوره الاحتفالية، ذكرت الدكتورة هزار أبرم على لسان الدكتور كوسا أن علاقته بأستاذه الأسدي بدأت منذ كان في العاشرة من عمره، إذ زار معلمه في بيته مرتين، اطلع فيهما على منزله وكتبه، وأهداه الأسدي صورة له، ليفترق الطالب عن أستاذه ويعود بعد 20 عاماً يبحث عنه لكن دون جدوى، لتتحول صورته إلى أرشيف و10 مؤلفات و640 صورة جديدة و375 مقالاً و140 شخصاً عملوا في احتفالية تكريمه على مستوى العالم، مختتماً كلامه بضرورة توثيق أعلام بلدنا وتكريم المبدعين في حياتهم حتى لا تتكرر مأساة الأسدي.
وبالنيابة ألقى الباحث صلاح كزارة مشاركة الباحث محمد كمال حول “موسوعة الأسدي من التحقيق إلى الطباعة” ذكر فيها ارتباطه الوثيق مع الأسدي من خلال موسوعته والخوض في إبداعه وإخراجه من حيز الفكر إلى الفعل، وقضاء تسع سنوات للانتقال بالموسوعة من الشكل الكتابي إلى الطباعي، وفي كل صفحة من صفحاتها يجد إنجازاً عظيماً وكنزا معرفيا ثمينا.
وختم الأديب والكاتب محمد أبو معتوق الجلسة ب”الأسدي في حكاية” حاول في مشاركته هذه التغلغل إلى روح الأسدي وعلاقاته بالأشياء من خلال عمله الروائي “العرّاف والوردة” وتحدث عن علاقة الأسدي بمكتبة دار الكتب الوطنية بأسلوب أدبي روائي، ثم انتقل لمشهد موته من خلال قصة “رجل خفيف” روى فيها تفاصيل إقامته بمأوى العجزة واستذكاره لأمه وحديثه معها.
تصوير – جورج أورفليان