ميرال الشحنة
“ثيسبيس” الذي نقل المسرح اليوناني القديم من مرحلة السرد إلى مرحلة التمثيل نقل المسرح من إطاره الديني إلى الدنيوي، وكانت البذرة الأولى التي تعرف الآن بالمونودراما ، كان يقدم مسرحياته وحيداً ، مروراً بالتراجيدي أسخيلوس ثم ظهور سوفوكليس الذي كسر فردانية الأداء ..
هذا تاريخ عظيم و عريق و نواة المونودراما التي تطورت عبر الزمن بالحفاظ على فُردانية الأداء أو إدخال الجوقة عليها مع البقاء على العنصر الواحد في العمل المسرحي غربياً أم عربياً.
وبرغم وقوف الكثير من المسرحيين في وجه هذا الفن العظيم، إذ يعتبرونه فاقداً لوهجِ الأحداث و تسلسل القصة التي بدأت كـفكرة و اقتضاب الديكور و المصاحبة الموسيقية غامضة نوعاً ما والعديد من الفزلكات المعادية لهذا الفن، فالحوار التبادلي بين الممثل و الآخر عبر العقل الباطن صوتاً وأداءً مسموعاً بتفاوتِ طبقات الصوت إذ يُلم بكل ما يخدم العمل.
نعم صراعات العقل الباطن الذي هو أخطر ما يواجهه الفرد هو أخطر من يُحاور الفرد، يلوم و يوجّه أخطر الأسئلة التي تُربك تلافيف البديهة و سرعة الإدراك و يُعاقب بالعزلة والوحدة على أنها خلوة ، لا يُصنف الأشياء بل يجعلها متماثلة متشابهة غير متجاذبة فينطفئ كل جميل و تتشحُ السوداوية و ينتهي عمر الجمال و الحب في هذا الفرد اليتيم ، إذا ماتت أمه الأرض و مات أبوه الكون و تخلّت عنه حبيبته الطبيعة ولم يُكتب له نسلٌ من زهور.
المونودراما باعثة للتأمل و إعادة ترتيب ما بعثرتهُ عاصفةُ المراهقة الممتدة حتى الخمسين.
المونودراما محاسبة قبل أي حساب..
المونودراما أراها تتألق و تتجدد، و هناك من هم أهل لها فلتُعط حقها، لأننا بحاجة للصمت و الإنصات، بحاجة لسكون الممثل وسكينة الكاتب، بحاجة لقلمٍ يعنى بكل جمال .