ليتـــــنا نحبـــــها أكثـــــر

بقلم عبد الخالق قلعه جي

 

ما جئنا نبيع الماء في حارة السقائين.. فما في “قربتنا” إلا كأس المحبة.. نحملها إليكم – والخشبة الأثيرة تجمعنا – وقضية الحياة والانسان.. رغبةً صادقةً، وأمانة.. نضعها بين أيديكم ” حملة الرسالة وصناع الابداع ” عين على ذاكرة والأخرى على واقع نمسك بنقاطه وننثرها ببراعة للنهوض والارتقاء بمشهدنا المسرحي إلى المكانة اللائقة.

 

هي بعض الرسائل – وقد حملها التقديم – أردناها مدخلاً للانتقال إلى منارة حلب القديمة، التي غصت قاعتها في الخامس والعشرين من تشرين الثاني الفائت بأسرة مسرح حلب، من أدباء وكتَّاب ومخرجين وممثلين ومهتمين، رواداً ومخضرمين وشباباً، جاؤوا تلبية لدعوة مسرح حلب القومي للمشاركة في “الملتقى الحواري المسرحي” “ذاكرة.. آفاق ورؤى”.

 

تفاصيل كثيرة تم الاشتغال عليها بكل عناية من اختيار المكان الذي عاد يتألق من جديد إلى هندسة الجلوس ومناسيبها الواحدة إلى عنوان الملتقى وكراس توثيقه فالمحاور والكلمات التي سبقت بدء الحوار وغيرها.

 

وإن اختلفت الأسباب.. كان الحضور لافتاً بما اتسع له المكان، فيما النية لدى “مسرح حلب القومي” معقودة والعمل، يرنوان بدون “سين التسويف” إلى لقاء الجميع وللجميع – جاؤوا إليه أو ذهب إليهم – لا “فضَّ عتب” ودونما استثناء.

 

رغبة ونوايا حقيقية طيبة كانت حاضرة تنشر طيفها الإيجابي، متمنية آملة  بما بدأه الملتقى لا من قبيل نافل قول ولا لزوم مالا يلزم، إنما جاء بمثابة تقديم استمارة السيرة الذاتية وإعلان برنامج عمل، مفتوحة أمداؤه لكل من يريد أن يقول بمحبة وغيرة وحرص وإيجابية.. ولعلها كانت بصدقها وجديتها وأبعادها، الموجهة أيضاً لدفة المجريات للقادم المأمول والمنشود، بعيداً عن كل ما يبقي المسرح في حالة مراوحة أو تراجع.

 

محاور ستة كانت على طاولات الملتقى تناولت واقع مسرح حلب وأسباب تراجعه والعوامل التي أدت إلى ذلك.. جدلية ما يسمى بالمسرح الجاد أو الملتزم والآخر الخاص والتجاري وشباك التذاكر.. روافد المسرح من مدرسيٍّ وطلابي وغيره.. التدريب والتأهيل.. التربية والأخلاق المهنية.. العلاقة بين الأجيال.. آليات العمل المسرحي والمعايير والضوابط.. منصات التواصل الاجتماعي مالها مسرحياً وما عليها.. والمحور الأخير محاولة للتفكير خارج الصندوق.

 

طروحات ومداخلات تحدثت عن ندرة الكوادر المسرحية الأكاديمية، وأخرى عن أزمة في النص المسرحي، وغيرها عن الدوران في ذات الفلك، ورابعة عن استنفاد التعلم المتاح في ظل غياب التأهيل والاطلاع على الجديد والتجارب الأخرى.. أما العلاقة بين الأجيال فقد شابها الكثير من التلميح والتصريح، ورغم حرارة النقاش وسخونته كان كل يحاول التدثر بـ “اللحاف” وشده إلى ناحيته.

 

ثمة مشهد تم رسمه مساء ذلك اليوم في منارة حلب القديمة يقول إشادةً بإقامة هذا الملتقى رغم أي ملاحظة أو رأي أو نقد.. يقول أيضاً بالحضور اللافت للأسرة المسرحية بحلب مع الحضور الشبابي الآمل المنتظِر والمنتظَر.. ويقول بنتائج وثمار تبدت بتثبيت كل ملامح المشهد الإيجابية منها والسلبية ووضع كثير من النقاط على كثير من حروف.

 

هي بعض عناوين لامسها فقط.. الملتقى لم ينتهي ذلك اليوم ولن.. وكما أعلنها فالأبواب مفتوحة والقلوب للقاء كل يوم.. لنصح ومشورة أو مقترح يفيد المسرح ويرتقي به وإذا كنا نتحدث عن مسرح ورسالة – نحن رافعتها – فمن الضرورة بمكان أن نعمل على رأب الصدع وملء الفراغ بين من كان و شبه الخواء الذي وصلنا إليه.

 

يقولون بيت الضيق يتسع لألف صديق.. أقول: آن الأوان أن نوسع قليلاً في هذ البيت فنبني له ملحقاً متصلاً يتناغم معه ويكون له حديقة وامتداداً.. يحفظ ذاكرته وذائقته الفنية والجمالية، ويرتقي به إلى تلك اللائقة من الآفاق والرؤى، بعيداً عن اجترار ونشاز وتلويث واسفاف.. هي مسؤولية الجميع بكل أمانة ووفاء ومحبة أكثر لحلب ومسرحها واعلامها.. شمعةً أردنا من جديد إيقادها عساها تكون “لبنة زيتون” يضئ زيتها ولو بعد حين.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار