بقلم مصطفى الدناور …..
في الوقت الذي تهدأ فيه الحياة ويبحث الناس عن ملاذ آمن من الحرائق والكوارث يهرع رجال الدفاع المدني في سورية نحو الخطر بأقدام ثابتة وقلوب لا تعرف التراجع حاملين معهم معداتهم البسيطة وإرادتهم الصلبة لمواجهة ألسنة اللهب التي تلتهم الغابات والجبال في ريف اللاذقية .
مع تصاعد درجات الحرارة وجفاف التربة وامتداد الرياح تشتعل الحرائق في جبال الساحل السوري مهددة حياة الناس وممتلكاتهم في مواجهة هذا المشهد القاسي يقف رجال الدفاع المدني على خط النار الأول يتقدمون عبر التضاريس الوعرة متحدين ارتفاع درجات الحرارة وسرعة الرياح واحتراق المخزون النباتي من دون أن يتراجعوا عن أداء واجبهم
ليست الحرائق وحدها من يكابدها هؤلاء الأبطال بل إن أعمالهم تمتد لتشمل كل نداء استغاثة من إنقاذ العالقين تحت الأنقاض إلى إسعاف المصابين وفتح الطرقات وإزالة الركام والمساعدة في نقل المرضى والمسنين في حالات الطوارئ فهم حاضرون في كل زاوية من زوايا الأرض السورية كقوة مساعدة أولى ويد إنسانية لا تكل ولا تمل
وتبرز تضحيات فرق الدفاع المدني في محافظة اللاذقية حيث تتدخل الفرق في أصعب المناطق الجبلية وأكثرها وعورة وتنجح في احتواء النيران ومنع تمددها إلى القرى والمنازل والغابات المجاورة وذلك رغم ضعف الإمكانات
وعلى الرغم من المخاطر المحدقة بما فيها الاختناق والتعرض للحروق والانهيارات الأرضية وحتى فقدان الحياة لا يزال رجال الدفاع المدني في سورية يؤدون رسالتهم بإخلاص وتفان حاملين شعار سورية أولًا مهما كانت التضحيات .
هم الشهود الصامتون على معاناة الناس ومنارة الرحمة في ساحات الدمار وجنود الظل الذين يستحقون كل تقدير فبينما تنشغل الأضواء بالسياسة والمعارك يبقون هم خارج عدسات الكاميرا يؤدون ما عليهم بصمت مؤمنين أن الإنسان يستحق النجدة مهما كانت الظروف وأن الوطن لا يُبنى إلا بسواعد أبنائه المخلصين