عامر عدل..
تُعد مشاركة السيد الرئيس أحمد الشرع في مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” بالرياض لعام 2025 حدثاً يتجاوز كونه مجرد محفل اقتصادي؛ إنها خطوة استراتيجية تحمل في طياتها دلالات عميقة على صعيد السياسة الإقليمية، وإعادة تموضع سوريا في الخارطة الاقتصادية العالمية. تمثل هذه الزيارة إعلاناً عن بداية مرحلة جديدة تُدار بعناية فائقة من قبل دمشق والرياض.
ويُعد اللقاء المرتقب بين السيد الرئيس وولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الدلالة الأبرز على اكتمال مسار التطبيع العربي مع دمشق. فالرياض، التي تمثل ثقلاً سياسياً ومالياً لا يُستهان به في المنطقة، تستخدم منصة “مبادرة مستقبل الاستثمار” العالمية لتمنح القيادة السورية ختم القبول الإقليمي والدولي.
إن المشاركة السورية على هذا المستوى الرئاسي في محفل عالمي بهذا الحجم ترسل إشارة قوية إلى القوى الغربية مفادها أن المنطقة قررت المضي قدماً في التعامل مع دمشق، بمعزل عن التحديات الجيوسياسية القائمة.
ومن خلال هذا المؤتمر، سيتم طرح لغة اقتصادية حديثة تركز على التحول الرقمي، والطاقة المتجددة، والبنية التحتية الذكية، وهي لغة مصممة خصيصاً لجذب المستثمر، لا المانح. وتمثل هذه الخطوة دليلاً على تغيير الصورة الذهنية، حيث يهدف هذا التحول إلى إزاحة صورة سوريا كدولة بحاجة إلى مساعدات إنسانية، واستبدالها بصورة دولة ذات فرص استثمارية واعدة. ويُعد هذا التحول ضرورياً لجذب رؤوس الأموال الخاصة، التي لا تتحرك إلا بضمانات الربح والاستقرار.
وتؤكد المشاركة على أن الاستثمارات يجب أن تخدم مصلحة الشعب السوري وتعزز السيادة الوطنية، وتحمل رسالة مزدوجة:
للداخل: من حيث بث تطمينات بأن الانفتاح الاقتصادي لن يؤدي إلى هيمنة أجنبية، وأن القرار الاقتصادي سيبقى سورياً خالصاً.
وللخارج: حيث تأتي لتؤكد أن سوريا لن تكون سوقاً مفتوحة بلا ضوابط، بل شريكاً يحدد شروط الاستثمار بما يخدم أولوياته الوطنية في قطاعات حيوية مثل البنى التحتية، والإسكان، والطاقة.
خلاصة القول، إن مشاركة السيد الرئيس أحمد الشرع في مؤتمر الرياض 2025 هي خطوة جريئة ومحسوبة ضمن استراتيجية “العودة عبر البوابة الاقتصادية”. وتهدف هذه الدبلوماسية الاقتصادية النشطة إلى وضع سوريا على مسار جديد، وإثبات أن سوريا الجديدة قادرة على توفير البيئة من الاستقرار والأمان اللازمين لجذب رؤوس الأموال العالمية واستعادة دورها في الاقتصاد الدولي.
#صحيفة_الجماهير