السياسة السورية والحضور الإقليمي والدولي وإعادة رسم العلاقات

محمد مهنا..

تأتي زيارة السيد الرئيس أحمد الشرع إلى البيت الأبيض في لحظة سياسية مفصلية تحمل في طياتها دلالات متعددة لتشكل علامة فارقة في مسار السياسة السورية التي استطاعت أن تثبت حضورها الإقليمي والدولي وتعيد صياغة موقعها في معادلات الأمن والاستقرار العالمي فالزيارة تعكس تحولا نوعيا في نظرة الولايات المتحدة إلى سورية بوصفها شريكا أساسيا في مكافحة الإرهاب وصون الأمن الإقليمي بعد أن أثبتت دمشق قدرتها  على تحقيق الإستقرار في المنطقة الأمر الذي يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون والتفاهم على أساس المصالح المشتركة واحترام السيادة الوطنية.

إنّ انخراط سورية في جهود محاربة الإرهاب من موقع الدولة القادرة والمستقلة يعني بالضرورة البدء بخطوات عملية نحو جدولة انسحاب القوات الأجنبية من الأراضي السورية وإعادة الاعتبار لمفهوم السيادة الكاملة على الأرض والقرار فالحضور السوري في هذا المسار لم يعد هامشيا بل أصبح ضروريا لضمان أمن المنطقة واستقرارها وقطع الطريق على عودة الفوضى وملء الفراغ الذي خلفه التدخل الخارجي.

كما أن هذا التحول السياسي يؤكد أن سورية لم تعد ساحة صراع بل شريكا متوازنا يسعى إلى بناء منظومة تعاون حقيقية تضمن مصالح شعوب المنطقة وتمنع تكرار سيناريوهات التدخل والانقسام.

وتأتي زيارة السيد الرئيس الشرع تتويجا لنهج وطني متكامل اعتمد على ترسيخ الثقة بين الدولة والمجتمع والانفتاح على العالم دون التنازل عن الثوابت الوطنية إذ جسدت السياسة السورية خلال السنوات الماضية قدرة لافتة على تحويل التحديات إلى فرص من خلال العمل الدبلوماسي الهادئ والمبادرات البناءة التي أعادت الاعتراف الدولي بدور دمشق في محاربة الإرهاب وتعزيز الاستقرار الإقليمي وفي هذا الإطار تمثل الزيارة إلى واشنطن خطوة إضافية في مسار إعادة بناء العلاقات الدولية على أساس الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة.

إنّ اللقاء بين السيد الرئيس أحمد الشرع والرئيس ترامب والقيادة الأمريكية يحمل في طياته آفاقا واعدة لإطلاق مسار جديد من التعاون في ملفات الأمن ومكافحة الإرهاب وإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية وهو ما يفتح الباب أمام مرحلة مختلفة من العلاقات بين دمشق والعواصم الكبرى قائمة على التفاهم والثقة والندية فالسياسة السورية اليوم تمضي بثبات نحو استعادة دورها الطبيعي دولة فاعلة حرة قادرة على صناعة مستقبلها وصون كرامتها وإرساء معادلة جديدة في المنطقة أساسها الشراكة لا التبعية والسيادة لا الوصاية.

 

#صحيفة_الجماهير

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار