المساحات الخضراء في مواجهة النفايات… هل يكفي قرار المخالفات؟

 

الجماهير || جهاد اصطيف..

يقول عبد الله محمد، من حي الجميلية: أحياناً نأتي إلى الحدائق لنرتاح، لا لنجلس بين أكوام الأوساخ، المشهد مؤذٍ فعلاً.. هل من المعقول أن نطالب البلدية بكل شيء بينما السلوك الفردي غائب؟

 

تعكس شهادته واقعاً يفرض نقاشاً أوسع حول ثقافة احترام المساحات العامة ودور المجتمع في حماية مدينته. فمن يتجول في بعض حدائق المدينة، سواء الحديقة العامة أو السبيل أو غيرها من الحدائق في الأحياء الحيوية، يلاحظ بسهولة التناقض بين الجهود المبذولة لإعادة تأهيل المساحات الخضراء، وبين سلوكيات بعض روادها الذين يتركون خلفهم نفايات متراكمة.

 

أضرار تتجاوز المظهر العام

تقول لبنى الصالح، وهي باحثة في شؤون البيئة: تراكم القمامة في المساحات المفتوحة يشكل بيئة خصبة للحشرات والقوارض، وبالتالي يمكن أن يساهم في انتشار الأمراض. المشكلة ليست جمالية فقط، بل صحية أيضاً. وتضيف أن الحدائق يجب أن تكون “رئة المدينة”، وأن أي تلوث فيها يعني تراجع جودة الهواء والبيئة المحيطة.

 

ويشير ناصر. ح، وهو موظف في مكتب سياحي، إلى أن النظافة أصبحت جزءاً أساسياً من تقييم الزوار: يمكن للسائح أن ينبهر بتاريخ حلب، بقلعتها وأسواقها وحاراتها القديمة.. لكن ورقة واحدة ملقاة في غير مكانها قد تترك انطباعاً سلبياً. نحن نتحدث عن صناعة تعتمد على التفاصيل.

 

وتقول السيدة هبة. أ، وهي أم لأربعة أطفال: أحرص دائماً على جمع نفايات أطفالي قبل مغادرة الحديقة، لكني أشاهد كثيرين يتركون مكانهم وكأنه سيتنظف وحده. وتؤكد أن حملات التوعية يجب أن تكون أولوية، خاصة في المدارس والمراكز الترفيهية.

 

بينما يشير أحد التجار في منطقة العزيزية إلى أن وجود نفايات قرب المحلات يؤثر سلباً على حركة الزبائن، مضيفاً: البيئة النظيفة تجذب الزائر والمستثمر، وهذا ما يجب أن ندركه جميعاً.

 

ويرى الباحث الاجتماعي حيدر السلامة أن المشكلة جزء من منظومة أكبر تتعلق بالسلوك المدني، موضحاً: حين يدرك الفرد أن الحديقة ليست ملكاً للدولة فقط بل ملكاً له، ستتغير المعادلة. القوانين مهمة، لكنها لن تنجح دون وعي داخلي.

القرار الجديد.. ضرورة أم رد فعل؟

في خطوة وُصفت بأنها بداية عملية لمعالجة هذا الملف، فعّل مجلس مدينة حلب قرار ضبط مخالفات رمي القمامة في الحدائق والأماكن العامة. ويؤكد المجلس أن هذا القرار “ليس وليد اللحظة”، بل جاء نتيجة تراكم شكاوى الأهالي وازدياد الضغط على المرافق العامة، خاصة بعد ارتفاع أعداد زوار المدينة من الداخل والخارج. مع التأكيد أن الهدف ليس فرض عقوبات بقدر ما يستهدف الإجراء تغيير السلوك، فالمخالفة ليست سوى وسيلة للردع، لكن الرهان الحقيقي هو وعي المواطنين.

 

في نهاية المطاف، يبقى السؤال مفتوحاً: هل يشكل ضبط مخالفات رمي القمامة خطوة كافية لإعادة حلب إلى صورتها المثالية؟

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار