الجماهير /عتاب ضويحي
تبقى الكوميديا لباسا سحريا لكل عمل مسرحي، يحاول أن يقتحم عوالم النقد الاجتماعي، من خلالها تعبر الأفكار في مفارقات سلسة، ولوحات مضحكة مبكية إلى عقول الجماهير، فالكوميديا ليست وظيفتها الإضحاك فحسب، بل منوط بها النقد العميق والمؤثر.
تناولت مسرحية (كراكيب) تأليف عبير بيطار وإخراج ريم بيطار وبمشاركة الفنانين محمد جعفر، شفيق شهبندر، محمد فاضل، سيف الدين صابوني، جميل خوجة إضافة للأختين بيطار والتي تعرض حاليا على مسرح نقابة الفنانين بحلب وتستمر حتى نهاية الشهر الجاري عدة قضايا كمفهوم المواطنة والديمقراطية والعولمة إلى جانب بطالة الشباب المتعلم والاختلافات الدينية والعرقية والمذهبية، قدمتها بسخرية تنتقد، الواقع وبدلا من إثارة مشاعر الحزن في نفوس الجمهور أثارت الضحك المتواصل هدفه الأساسي النقد .
عن العمل وقصته حدثتنا كاتبة النص عبير بيطار كتبت عدة نصوص مسرحية آخرها مواطن نص كم والبداية من العنوان :
كراكيب عنوان يتناسب طردا مع الواقع، وكلمة كراكيب مفهومة لدى الجميع،
كراكيب عمل يحكي عن الفوضى والكركبة في حياتنا، نستخدم مصطلحات قد لايفهمها الكثير وما الهدف منها ولماذا هي كمفهوم المواطنة الذي ينطوي عليه الحقوق والواجبات يجهلها الكثير، ومفهوم العولمة الذي غزا الوطن العربي ماله وماعليه، وكيف يمكننا أن نستخدمه إيجابيا، أيضا سلط العمل الضوء على تغييب دور المثقف، وظهور ووصول الجاهلين لأماكن لايستحقونها، كما برز في العمل فكرة النسيج السوري الواحد ورغم اختلاف الأديان والجنسيات والمذاهب، إلا أنه نسيج متكامل لم ولن يتأثر بما يحاك ضده من مؤامرات، العمل مستوحى من الواقع، وشخصياته واقعية، عكست واقعنا بكل صدق وعفوية.
تدور أحداث العمل ضمن مطعم، يعمل فيه شباب جامعي من كل الأديان والعرقيات والطوائف، صاحب المطعم من خلال أحداث العمل يحاول ضبط موظفيه، وإعادة كل واحد منهم إلى مكانه الصحيح.
وعن الرؤية الإخراجية للعمل تقول ريم بيطار مخرجة وممثلة المسرحية متنوعة ومعقدة رغم بساطة أفكارها والنهج الإخراجي لها كان قريب من (الكابريه السياسي)
كراكيب بأحداثه وشخصياته يلامسنا جميعا، ويتناول كراكيب حياتنا اليومية، وكان دوري في العمل هو الوقت الذي لايتوقف، ويرافقنا في كل حين، أضفنا للعمل فقرات غنائية تنقلت بين التراثي والأصيل، والغريب المستهجن، إلا إننا نقلده دون تفكير وتبصر.
كما التقينا الفنان محمد جعفر وحدثنا عن دوره في العمل :
دوري صاحب المطعم يعاني من مرض الزهايمر، يعمل لديه شباب من شرائح وبيئات وأديان مختلفة، يلاحظ مدى تعلقهم بالقشور وتركهم للمضمون، يحاول أن يعيدهم لأصولهم ولوطنهم سورية بنسيجها الفسيفسائي المتكامل.
أما شفيق شهبندر فيقول عن دوره :أنا امثل دور الطالب الجامعي الذي يضطر للعمل كعامل (أركيلة) في المطعم، ليعيل أهله وهو من خلال العمل، وحواره واختلافه مع الشخصيات، يصل معهم في النهاية إلى مفهوم الوطن الواحد.
ويقول سيف الدين صابوني عن دوره :
أمثل دور هاكوب شاب أرمني يعمل (شيف) في المطعم يفهم العولمة بمفهوم مختلف،
ومحمد فاضل يقول عن دوره :
أمثل دور شاب من ضمن النسيج السوري، يختلف ويقترب بوجهات النظر مع زملاء العمل، ولكن في النهاية جميعنا نؤكد على أن سورية بلد متوحد رغم اختلاف أطيافه، نعمل في أداء متجانس كأوتار العود، الجمهور الذي لم يخفي ضحكاته بل تعالت واستمرت دون كلل أو ملل يرى في العمل المسرحي كراكيب أنه السهل الممتنع كما ذكر لنا محمد أيوب فبساطة الأفكار والمحتوى وطريقة الإخراج جذبتنا للمتابعة والاستمتاع بما نشاهده ويؤيده بذلك حسن إسماعيل الذي يرى أن العمل متناسق الأفكار والأداء في حين يثني مازن شاهين على براعة أداء الممثلين وقدرتهم على إيصال الضحكة بإسلوب لطيف ومحبب بعيد عن السخافة والإسفاف.
رقم العدد 15792