استخدام الحرف في بناء العمل التشكيلي .. عيروض ” للجماهير ” : إن امتلكت القوة بالعلم وامتلكت المهارة فاعلم انك موهوب

الجماهير – رفعت الشبلي
يقف طبيب الأسنان امام المريض يفتش عن فكرة ليرسم في ثغره ابتسامة ثلجية تسر الناظرين ، وبدون تردد الأفكار موجودة عند هذا الطبيب .. كيف لا وهو الفنان التشكيلي والموسيقي و النحات ، كيف لا وهو من تمرد على الواقع ليواكب كل تحد ، هو لا يقبل أن يكرر نفسه ، كل عمل هو تحد جديد له .
باختصار هو طبيب الأسنان الدكتور محمد زاهر عيروض الفنان التشكيلي والموسيقي و النحات و عاشق الخط ، للفن عنده مكانة مميزة فهو يتمتع بحس فني دفاق و ريشة مفعمة بعشق يخترق الجغرافيا ، يرسم الأحياء أي أحياء حلب حاراتها القديمة أزقتها ليبث فيها ألقا تفوح منها عبق الأصالة .
يتحاور مع الآلات الموسيقية ” الكمان و البيانو ” كما حاور بيتهوفن عندما نحته ، اتخذ قراره بأن يكون مشروع فنان فكان له ذلك ” كل شيء بالتصميم والإرادة ينجح “.
ولد الدكتور محمد زاهر عيروض عام 1963 من ابوين حلبيين ، رسخا في ذهنه حب الفن الاصيل بكل أشكاله التي تتميز به حلب ، حيث يقول في حديث ” للجماهير ” :
ارتدت معهد الموسيقا العربي في حي السبيل ” بتشجيع من والدتي . كان صوتها جميل ولديها أذن موسيقية ” ، بدأت في معهد الموسيقا بالتعلم على آلة الكمان بمقطوعات غربية ، إلى أن تخرجت من المعهد عام 1981 ” تعتبر الموسيقا رياضة الروح و الفكر .هي لغة العالم ” ،بعد ذلك دخلت كلية طب الأسنان بجامعة حلب و تخرجت منها عام 1987 ، بعدها التحقت بمعهد فتحي محمد للنحت وكان مشروع تخرجي هو ( بيتهوفن ) وهو مجسم ثلاثي الأبعاد يمثل النظرة الثاقبة لهذا المبدع .
مارست الفن التشكيلي عام 1991 إلى أن قدمت معرض في صالة الخانجي للفن التشكيلي ، وشاركت في معرض الربيع بحلب في صالة تشرين ، إضافة إلى ذلك معرض فردي في صالة الشعب بدمشق ، كما كان لي الشرف أن تقتني وزارة الثقافة خمسة أعمال فنية كنت من بينهم . من بين 80 فنانا شاركوا في المعرض .
العمل الذي كنت مشاركا فيه لوحة تنتمي للمدرسة الانطباعية بعنوان ” بوابة القصب”
” .
خلال السنوات مابين 1991 و 2000 اقتصرت أعمالي على المشاركات ، خلال تلك السنين كان بحثي ودراستي تتطور و تنمو ، حيث اني لم ادرس الفن التشكيلي اكاديميا ، بل تعلمت الفن التشكيلي ممارسة ودراسة خاصة .
في بداية 2010 كان الطموح يكبر و يزداد لدي ، و هواية الخط العربي بدأت تأخذ منحاها الخاص و هاجس البحث الجميل عن كل ماهو جديد في الخط وأساليبه المختلفة لذلك أحببت الخط العربي . في البداية كانت محاولات خجولة ” وانا العاشق للتحدي ” وضعت نصب عيني هدف في بداية عام 2011 و هو التميز بالخط العربي و إتقانه و هو الأساس الذي سوف ابني عليه لوحاتي في القادم من الأيام .

لم أفكر بالسفر خارج البلد وكان لدي ايمان كبير إن البلد ستعود لما كانت عليه بل أفضل إن شاء الله . حيث أن القذائف تنزل قريبة من البيت وأكون أمام أحد أعمالي ارسم ، بجد ليولد عمل جديد في هذا المخاض الصعب . والحمد لله على كل حال ، أمضيت في السنوات الأخيرة في الاعتكاف على دراسة الخط دراسة خاصة ، أبحرت في خضم هذا البحر من الخطوط وأنواعها حتى رست سفينتي على خط الثلث ، عشقت هذا النوع رغم صعوبته فهو يتميز بالفراغ الواسع الذي يرسمه الحرف بخلاف الأنواع الأخرى من الخطوط اضافة لضبطه الدقيق لكل حرف وهي صفة تشترك فيها بقية الحروف.
لم استخدم الخط الفني لأن عمره بعمر الفنان ، أما خط الثلث فعمره 1100 عام تقريباً بتطوره و ضبطه الجميل ” على مر هذه العصور أكون قد أخذت هذا الخط على صحن من ذهب كما يقولون . حيث يعتبر الفنان السوري ابن حلب عبد الكريم درويش الرائد الأول في الخط على مستوى الوطن العربي “.
الفن التشكيلي الحروفي الذي أعمل عليه حاليا هو استخدام الحرف في بناء العمل التشكيلي والتأكيد على القاعدة الذهبية للحرف خاصة و بناء العمل بشكل عام .
بدأت اختيار بعض الآيات القرآنية ذات الدلالة العلمية والفكرية. على سبيل المثال ” و من كل شيء خلقنا زوجين ” فاللغة العربية تعطي جمالا للخط فكيف إذا كانت آيات من القرآن الكريم ؟
عندما دخلت إلى ميدان الخط العربي كانت بهواية التحدي ” انا لست خطاطا .. بل ارسم الحرف و استخدمه بمفردات اللوحة التشكيلية و أعطي الدقة المتناهية بجمالية الحرف ” .
في خط الثلث يجب أن تحقق التوازن في ضبط الحروف ما دمت تعمل على فكرتين ، والانتقال من المدرسة الانطباعية إلى الحروفية. ليس بالأمر السهل ، فالخبرة والتشكيل جعلني متمكنا من الحروفية ولله الحمد “حينما تمتلك العلم والمعرفة و المهارة فاعلم انك موهوب “
– هل تختلف المدة في انتهاء العمل في اللوحات الحروفية ؟
خط الثلث من أصعب انواع الخطوط بشهادة الخطاطين ، له شكل فراغي يصعب مجاراته بخلاف باقي الخطوط ، من أعمالي الحروفية ما يستغرق قرابة سنة ومنها أشهر ومنها أقل ، لكن ، أغلب اللوحاتات الحروفية التي ارسمها تعتمد على تكرار الآية الكريمة بشكل متناظر مع استخدام الطبقات والشفوفية فالعمل الحروفي يولد العمل .
ومن أجمل الأعمال التي انجزتها لوحة سورة القدر ” انا أنزلناه في ليلة القدر” فهي متناظرة أي لوحة في 4 لوحات ، ومن المفارقات التي واكبتني وانا أخط هذه اللوحة انها استمرت مدة سنة بدأت الفكرة في ليلة القدر وانتهت بليلة القدر .
رقم العدد 15808

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار