الصناعة الحلبية … نقشت آثارها أينما حلت.. اللاذقية قدمت التسهيلات والمساعدة في تأسيس عملهم أثناء الأزمة..فهل يتم تسهيل عودتهم الى حلب بعد الانفراج ..؟

 

الجماهير – سهى درويش:

شهدت مدينة اللاذقية خلال السنوات الماضية حضوراً لافتاً لعدد من الصناعيين والحرفيين ( الحلبيين ) الى جانب العديد من المهن بشتى أنواعها ، حيث لايمكن أن يغيب عن نظر الزائرين لمحافظة اللاذقية بشكل عام وللمدينة بشكل خاص أسماء المحلات والصالات ومراكز البيع والإنتاج التي تحمل بصمات الحلبيين في جميع الأحياء والأماكن في اللاذقية ..
فسنوات الحرب الإرهابية الممنهجة لتدمير سورية ، كانت سبباً مباشراً في هذا الحضور ، حيث الإصرار من المنتجين البقاء في وطنهم والمساهمة في البناء والعمل ، خصوصا في ظل تعرض مدينة حلب لظروف قاسية نتيجة الإرهاب والحصار والنقص في مستلزمات الانتاج مما أثر على القطاع الصناعي ،الأمر الذي حذا بالصناعيين والحرفيين وسواهم للبحث عن بدائل توفر المقدرة لهم في متابعة عملهم.
اللاذقية وجهة البعض
لا يخفى على القاصي والداني ما نالته مدينة حلب من النصيب الأكبر في استهداف اقتصادها، سواء في نهب معاملها أو تدميرها وصولا إلى تهجير سكانها من أماكن إقامتهم بحثا عن الأمان.
وعلى الرغم من كل ما جرى فالبحث في البدائل كان من الأولويات ولاسيما الصناعيين وأصحاب الحرف الذين بحثوا عن فرص لهم ليستمروا في عملهم وانتاجهم .
ولعل من يتجول في شوارع اللاذقية وأسواقها لابد و أن يلحظ اللمسات و النكهة الحلبية سواء بالبضائع أو البائعين أو الصناعيين وحتى رائحة التوابل والعطور ، القطنيات والألبسة ، صابون و أدوات التجميل حتى المأكولات الحلبية بأنواعها.
فهذه المدينة كانت وجهة الكثير من الصناعيين بمختلف حرفهم ،وقدمت ميزات وتسهيلات لهم شجعتهم على استمرار عملهم والبقاء فيها، ومنهم من توسع في تجارته وصناعته كما أوضح لنا أحد صناعيي الألبسة النسائية والأطفال والجينز ،حيث وجد في هذه المدينة كل مايحتاجه بيسر أكثر ،حيث بدأ بورشة صغيرة ومن ثم كبر عمله .
أما أبو محمد فلديه ورشة لصناعة الأحذية، وقد وجد صعوبة بداية عمله لكنه الآن في حال أفضل ، وحتى المأكولات فقد شهدت رواجا وإقبالا كثيفين وفي مناطق متفرقة من المدينة فالحلوى الحلبية لها مذاقها الخاص وطلبها وكذلك الأطعمة والمأكولات وفق ما أكده الشيف نادر والذي يعمل في أحد مطاعم الوجبات حيث وجد في هذه المدينة راحة مادية ونفسية جعلته يعمل بأريحية فيها.
كثيرون ممن التقيناهم جمعتهم الظروف والأسباب المتشابهة ،فمن جاء مع بداية الحرب الإرهابية على حلب كان يبحث في بديل يستطيع الإستمرار من خلاله في عمله أو كحد أدنى تأمين معيشته.
ومنهم من أسس لعمل أكبر وأوسع مستفيداً من الظروف المتاحة،ومنهم من بدأ حاليا بفتح عمل جديد لهم في اللاذقية وفروع لمنتجاته .
صناعة اللاذقية…تسهيلات وتبسيط للإجراءات
مدير صناعة اللاذقية المهندس رحاب دعدع أوضح بأن مدينة اللاذقية كانت وجهة الكثيرين من الصناعيين الذين قدمت لهم كافة التسهيلات لممارسة عملهم سواء بالترخيص أو ممارسة المهنة بالإضافة لما وجدوه من توفير لمستلزمات الصناعة ورخص الأجور وتوفر اليد العاملة وسوق التصريف والبنى التحتية والأمان والاستقرار والمنشآت،مما شكلت عامل جذب لهم.
والصناعة سمحت لهم بنقل مؤقت لتراخيصهم وممارسة عملهم كالصناعات الغذائية و البلاستيكية والألبسة وغيرها سواء بالمنطقة الحرة أو الصناعية ،
ونوه دعدع إلى أن تسعين بالمئة من الصناعيين الذين استقروا في اللاذقية مازالوا موجودين ولم يعودوا الى حلب سوى صناعي براويز بلاستيكية وآخر صاحب مطحنة نقل عمله إلى دمشق.
وهذا ما أكده العديد من الصناعيين الذين التقيناهم وليس لديهم النية بالعودة على المدى المنظور ومن الممكن عودتهم في حال كانت الظروف أفضل وتأمين لمستلزمات الانتاج بشكل مشجع .
صعوبات ومقترحات
ما بين الواقع والمطلوب فضل معظم الصناعيين البقاء في محافظة اللاذقية لأسباب منها عدم وجود محفزات كافية للعودة، فالمناطق الصناعية لم توفر فيها الخدمات المطلوبة بالشكل الأمثل كالكهرباء والمازوت والمياه الصناعية وغيرها والتأهيل الكافي ،إضافة لنقص اليد العاملة وارتفاع أجورها إن وجدت ،وغلاء أجور النقل.
وأمام هذا الواقع لابد من توفير المزيد من الدعم والمحفزات للصناعيين لإعادة دوران عجلة الإنتاج و عودة الروح الصناعية لمدينة حلب التي تفتقد منشآتها وعمالها كما كانت في سابق عهدها ، وهو المأمول فعودة حوالي ١٦ ألف منشأة صناعية وحرفية للعمل وفق آخر الاحصائيات لغرفة الصناعة يؤكد الإصرار على دعم الناتج المحلي والمساهمة في حماية المنتج الوطني والحد من الاستيراد للبضائع المنتجة محليا والاهتمام.
ومانتمناه تكاتف جهود الجميع لعودة حلب كما عهدناها قبل الحرب ،فحرفية صناعييها ومهارة تجارها كفيلة بإعادة التوازن الاقتصادي لها والتعجيل بإعادة الإعمار بشراً وحجرا و اقتصادا ، والأهم أن هذه المدينة قدمت الكثير لأبنائها ومن واجبنا العمل جميعا لإعادة الروح الاقتصادية لإنعاشها.
رقم العدد ١٥٩١٣

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار