الشاعرة معراوي : ديديني الكتابة الشعرية.. وعشقي اللغة العربية

الجماهير – الحسن سلطانة
الشاعرة ابتهال معراوي، ولدت في حلب عام 1961 م، وتلقت تعليمها في مدارسها، تحمل إجازة في الهندسة الزراعية من جامعة حلب 1986(وهي أمّ وجدّة حالياً) .. كتبت الشعر بمراحل مبكرة من عمرها، كانت مميزة في مادة اللغة العربية، خلال مرحلتي الدراسة الإعدادية والثانوية.
وعبرت عن فضاءات الأجواء التي تعيشها وتدور من حولها بنصوص شعرية تفاعلية (سماعية النظم) .. في الجامعة، شاركت في بعض الأمسيات الأدبية الشبابية، ثم ابتعدت عن الكتابة حوالي ثلاثة عقود من الزمن، لتعود إليها من جديد ، بعيد بدء سنوات الحرب الظالمة على بلادنا، إذ كثفت نشاطاتها، فأنشأت على الشابكة مجموعتها الأدبية (شاطئ الروح) منذ أكثر من خمس سنوات؛ لتبقى في العالم الإبداعي الذي تحب ..
تكتب الشعر العمودي والتفعيلة، وصدر لها ديوانان مطبوعان: الديوان الأول (في اللامكان)، والثاني (شواطئ الروح) ..
كما كانت لها محاولات أولية في كتابة القصة القصيرة، لاقت إعجاباً من الوسط الأدبي آنذاك ، لكنها آثرت على أن تبقى في مجال الشعر العمودي فقط .
نشرت قصائدها في بعض الدوريات العربية، مؤكدة حضورها مؤخراً بقوة على منابر الثقافة السورية، ولا سيما بحلب خاصة، إذ قبل ذلك كانت مكتفية بعالم (الفيس بوك) حصراً.. وهي عضو في جمعية أصدقاء اللغة العربية، و أمينة سر جمعية رابطة الوطن العربي، فضلاً عن حضورها في تحكيم بعض المسابقات الشعرية، سواءً في الواقع، أو في العالم الافتراضي، وتقول باختصار عن نفسها: ديدني الكتابة الشعرية، وعشقي اللغة العربية… وفيما يلي هذا الحوار الذي أجريناه معها:
-لماذا اخترتِ في شعركِ القصيدة العمودية، الموزونة المقفاة، وقصيدة التفعيلة ، مع أن الإبداع الشعري له أنواع عديدة؟!.
بطبعي، أحب التقفية، وهي نغم ، وموهبة وميول ،وقد حاولت أن أتحرر من القافية، لكن ما أحببت ذلك، فبقيت على مساري الذي خطته موهبتي، وعززته بقراءاتي الكثيفة للشعر، ونقد الشعر .
– ما أثر الحرب الكونية على سورية في تجليات قصائدكِ الشعرية ؟
الحرب بويلاتها كانت سبباً لعودتي المتأخرة إلى حضن الأدب، وأولى قصائدي كانت للوطن الجريح، وهو حاضر دائماً في قصائدي .. فإن تكلمت على الجمال أرى وطني، وإن تكلمت على الحكمة والأخلاق فهي سمة مواطنية ..والحرب القذرة على بلادنا أشعلت جذوتها في وجدان وقلب كل شريف، نسأل الله السلامة والتعافي لوطننا الغالي الحبيب سورية التاريخ والحضارة .
– فيما يخص كتابة الشعر، بمن تأثرتِ في بداياتكِ الأدبية، وكان مشجعاً وملهماً وحفزك على متابعة مسيرتك في عالم الأدب؟.
أحط رحالي في عالم كل شعر جميل .. لا اسم معيناً لدي، ولكن لاشك قراءاتي لبعض الشعراء الكبار أثرت أكثر من غيرهم ..قرأت للمتنبي، والمعري ..ولبعض الشعراء المتصوفين ..لنزار الذي أخذتني إليه قصائده المغناة.. وقصيدتَي (غرناطة، وقرطاج) تعتبران صورة عن نموذج كتاباته في التعرض للحب والنقد والعروش.. كتبت بعد قراءتي لهما قصيدتين، لن أقول عارضتهما، لكن جسدت شعوري في شعري رداً لما جاء بهما.
كذلك متابعتي لمجموعتي (شاطئ الروح) ولمن يكتب فيها والتحكيم ..كان لها الدور الأساس في أن أبقى في عالم الأدب الذي أعشق والشعر الذي به أهيم .. باختصار إن الظرف العام هو ملهمي الأكبر للكتابة بكل ما أستشعر به مما يدور حولي مثل الحرب .. تداعياتها.. ويلاتها .
فضلاً عن أن عائلتي كانت تشجعني، وبعض الأصدقاء يشدون على يدي .
– كيف تعاطيت مع الحرب على الصعيدين الحياتي والأدبي، وهل بقيتِ في حلب أم اغتربتِ عنها خلال سنوات الحرب؟.
الحرب، شظت سكينتنا فصبرنا ..أقضت شأفتنا فعاندنا ..شتتت عائلاتنا فتماسكنا ..كلها سلبيات، أثقلت كاهلنا وتعايشنا معها ..فقهرناها بتصبرنا ..
الإيجابية الوحيدة فيها بالنسبة لي أنها كانت حافزاً قوياً للعودة إلى كتابة الشعر و(العود أحمدُ).
كم أحب وطني، وروحي تبكي وبكت لما يحصل فيه.. لا ، لم أغادر حلب أبداً، فهي مدينتي التي بها أعتز وأفتخر .
– لماذا كانت سطوة الشعر لديك أكثر من سطوة الفنون النثرية الأخرى، و لاسيما القصة القصيرة ؟
هي موهبة يضعها الله سبحانه في الإنسان، لا يختلقها بل يعززها وينميها ويطورها .. كما سبق وقلت : أجد نفسي مع موسيقا الفراهيدي متناغمة يطربني جرسها .
-ماهو رأيك بأدب المرأة وفعاليته الإبداعية سورياً وعربياً وعالمياً؟
في الأدب النسوي، ثمة كاتبات وشاعرات وناقدات لهن كما للأدب الذكوري – إن صح التعبير- الدور الفعال ذاته، فالمرأة لها القدرة على امتطاء صهوات الأجناس الأدبية المختلفة باقتدار، وفاعليتها قد أثبتتها الأسماء اللامعة في عالم الأدب .
– كيف تنظرين إلى الحركة الثقافية، وإقبال المتلقي على التواصل مع الأدب ؟
الإقبال على دور الثقافة في وضع لابأس به، مع ملاحظة تراجعه حين اشتداد الأزمات. ونحن في مرحلة استشفاء من حرب، ثم مؤخراً (الكورونا) الذي شلّ حركة الناس بشكل عام، ونسأل الله السلامة من خطر هذا الوباء العالمي .
أما الوضع الثقافي في حلب فهو بخير إلى حد ما، كما لاحظته في دمشق ومعظم المحافظات السورية أيضاً.
ونحن نشهد الانتصارات البطولية الأسطورية للجيش العربي السوري التي انعكست إيجاباً على الوطن، مما يؤكد مقاربتنا من مرحلة التعافي من الأزمة التي عصفت برياح سمومها القاتلة على أنحاء الوطن.كما أن المنابر الثقافية والقيمين عليها – في أثناء اشتداد الأزمة – أيضاً، كانوا قائمين بواجبهم الثقافي من نشاطات مختلفة تصب في بوتقة الأدب.
– ماهي أعمالك الأدبية المستقبلية، وهل في نيتكِ التطلع إلى التعاطي مع عالم السرديات (في الإطار المنظور لمشروعاتك الأدبية القادمة)، ولاسيما أنه سبق أن كانت لديكِ محطة معه في مرحلة البدايات؟
بين يدي مخطوط ديواني الثالث، وأتمنى أن تسعفني الظروف وأطبعه، لا أعلم قد أغير رأيي كما قلتَ في قادمات الأيام، فأمتطي مركبتي إلى عالم السرديات .
أخيراً، نختم هذا اللقاء مع شاعرتنا معراوي باقتطاف المقطوعة التالية من إحدى قصائدها بعنوان: ( سياط ) .
ملعونةٌ كل الحروب وكل مَن
أهدى امتهانا وانبرى إشحاذا
واعتاشَ من ألم الشعوب وضُرّها
والتذّ يشرب نخبَ مَن قد آذى
مأفونةٌ ويلات حربٍ قد سرتْ
سرقتْ جمالا سعّرتْ أفلاذا
قد شتتتْ حُبُكاً وشظّت أهلنا
وغدا اللفيف بخبثها أفخاذا
مسكينة أوطاننا مطموعة
ولكنزنا قد خططوا استنفاذا
رقم العدد ١٥٩٩١

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار