الفعاليات الثقافة والعالم الافتراضي.. حجازي : الثقافة من المحال أن تتوقف.. تشعر بالضجر إن لم تجد من يتابعها أو يقفو أثرها

 

الجماهير – أسماء خيرو

كان لابد للفعاليات الثقافية – بعد أن أقعدتها جائحة كورونا عن العمل، وجمدت أنشطتها عن إيجاد بديل لها تستأنف من خلاله الأمسيات الأدبية والفنية التي كانت تقام على المنابر وفي المراكز الثقافية، كان لابد لها من أن تعود على منصات العالم الافتراضي محققة متابعة واسعة وقفزات ملحوظة في عدد الزوار والمشاركين والمهتمين .
فكيف بدأت وما الذي أضافته هذه التجربة؟! هل حققت الهدف المرجو منها بأن أثرت في الذائقة الجماهيرية ؟ وماهي الصعوبات التي واجهتها والأفكار المقترحة إن استمر الحظر حتى إشعار آخر؟! .
للإجابة على هذه الأسئلة “الجماهير” التقت محمد حجازي مدير دار الكتب الوطنية، وكان هذا الحوار:
البداية من دار الكتب الوطنية
أوضح حجازي بأن مبادرة إطلاق الفعاليات الثقافية عبر مواقع التواصل الاجتماعي تعتبر تجربة أولى من نوعها في القطر العربي السوري صنعتها الحاجة التي فرضها الحظر نتيجة تفشي فيروس كورونا.. وتعتبر مدينة حلب من أضاءت الفكرة ببث حلقات شعرية وأدبية وفنية على الانترنت ومواقع الوزارة وموقع مديرية الثقافة، فكان البدء حينها من دار الكتب الوطنية بإمكانات بسيطة جداً، وذلك بالتصوير والتسجيل من خلال أجهزة الموبايل وفي أماكن مختلفة في دار الكتب الوطنية. ونتيجة للمتابعة الكثيفة أصبح البث بعد ذلك مباشراً ، والشعراء الذين تم التواصل معهم للمشاركة كان عددهم يقارب العشرة شعراء ومنهم ( فرهود الأحمد – فضل النائب – عبد الجواد الصالح – أديل برشيني – حسام قطيني- سها جودت – صافيا شيخو – محمد حمصي) وغيرهم .
وبعد أن لاقت هذه التجربة رواجاً ومتابعة جماهيرية واسعة وصلت حتى ٤٠ ألف مشاهدة بعد أن كانت لاتتجاوز المئة مشاهدة، تطور العمل وذلك بالتعاون مع مديرية الثقافة ليتم بث هذه الفعاليات من داخل مركز مديرية الثقافة، إذ تم استضافة المزيد من الشخصيات الأدبية والفنية والمواهب الشبابية، واستخدام الكاميرات الاحترافية؛ لتصوير الفقرات الغنائية والأصبوحات الأدبية واللمحات الأثرية والتاريخية والأمسيات الثقافية بدلاً من الاعتماد على التصوير عبر أجهزة الموبايل، وبذلك أصبح التصوير أقرب للتصوير التلفزيوني، وبعد ذلك انتقل النشاط إلى مسرح نقابة الفنانين بإيجاد أفكار جديدة” كخيمة رمضان” ولكن بدون جمهور، فيها فقرات متنوعة منها الحكواتي الذي يحكي القصص ويقول الحكم ويعود لأيام الزمن الجميل على مسرح نقابة الفنانين، كما تم تقديم العديد من الاسكتشات المسرحية على المسرح ذات المضمون الهادف التوعوي والترفيهي، بالإضافة إلى تسليط الضوء على التراث اللامادي لمدينة حلب، ولقد قام بالأداء التمثيلي في هذه الاسكتشات عدد من الممثلين الشباب الواعدين أمثال (ريم بيطار – وعبير بيطار – عمار جراح – ياسين عدس) وغيرهم .
الثقافة من المحال أن تتوقف
وبين حجازي بأن الثقافة من المحال أن تتوقف.. إنها في إلحاح دائم من مريديها تشعر بالضجر إن لم تجد من يتابعها أو يقفو أثرها، لذلك كانت هذه المبادرة ضرورة لاستمرار الأنشطة الثقافية، حتى أنه من الممكن، وبعد أن لاقت هذا النجاح الملحوظ، أن تحظى في المستقبل بحيز من الاهتمام أكثر من المنابر الثقافية، منوهاً بالكثير الذي أضافته والذي منه أنها جعلت حلب مثالاً يحتذى به. فبعد أن لاقت المبادرة التفاعل والمتابعة بدأت بقية المحافظات بالسير على نفس النهج، حتى أن بعضاً من الأدباء خارج محافظة حلب أصبحوا يسجلون نشاطاتهم ويرسلونها لحلب كي يتم بثها على موقع مديرية الثقافة أو دار الكتب الوطنية. كما عملت هذه المبادرة على تنشيط موقع مديرية الثقافة، فعدد المتابعين في ازدياد، بالإضافة إلى أن الأمسيات الثقافية أصبحت متاحة لجميع فئات المجتمع ومختلف الأعمار .
المبادرة بطاقة تعريف بماهية الأمسية الأدبية
وعن تحقيق الهدف وتأثير هذه الفعاليات في الذائقة الجماهيرية أشار حجازي إلى أن المبادرة حققت الهدف المرجو منها، إذ لوحظ جزء منه في التعليقات الإيجابية أو السلبية على موقع مديرية الثقافة أو أي موقع آخر. أما الجزء الآخر فيبقى مجهولاً إلى أن تنتهي مدة الحظر إذ ستُرى نتائجه على أرض الواقع . وباعتقاده أن المبادرة حسنت الذائقة الجماهيرية نتيجة اطلاع مختلف شرائح المجتمع على الجمال الأدبي والفني، وخاصة أن هناك بعضاً من هذه الشرائح كانت تجهل ماهية الأمسية الأدبية أو الفنية، لذلك كانت هذه التجربة كبطاقة تعريف بماهية الأمسية بمختلف أنواعها، فالنتائج الحالية تشير إلى أن المبادرة أثرت في الذائقة الجماهيرية على نحو كبير إذ طورت لديهم التذوق الأدبي والشعري، فليس بالضرورة أن يفهم الإنسان البسيط كامل النتاج الأدبي أو الشعري لأنه ليس أديباً أو شاعراً، فيكفي الإحساس والشعور ولو ببعض من الكلمات أو المعاني لتتشكل لديه صورة شعرية أو لمحة جمالية أو انزياح جميل أشعل في ذهنه حالة ما، عندها تكون الثقافة قد حققت هدفها بتوسيع دائرة التذوق الجمالي.
لاصعوبات تذكر وأفكار قيد التنفيذ
وختم حجازي بالإجابة عما واجهه من صعوبات حول هذه التجربة والأفكار التي مازالت قيد الدراسة والتنفيذ إن استمر الحظر حتى إشعار آخر إذ قال: لم تكن هناك صعوبات تذكر.. الصعوبة الوحيدة كانت فنية أي مشكلات في الصوت أو الصورة وضعف في خدمة الإنترنت أما ماتبقى من أمور فكل شيء سار على مايرام، الجميع كان متعاوناً ومرحباً بالفكرة، سواء من أدباء وفنانين أو من محترفي الغناء والمواهب الشابة الواعدة .
ثم تابع حجازي وقال: إن الأفكار والمشاريع التي مازالت قيد التنفيذ والدراسة منها ( حوارات ثقافية – أفلام توثيقية لحياة كبار أدباء حلب أمثال محمد قجة – ومحمد أبو معتوق – وقراءة في كتاب) ولقد بدأت بتنفيذ فعالية مشابهة وقريبة بعض الشيء من قراءة في كتاب بمجهود شخصي، إذ قمت بنقل وتلخيص روايات من مواقع مختلفة وبثها على موقع دار الكتب الوطنية تحت مسميات مختلفة (كأفضل عشر روايات- وأكثر عشر روايات مبيعاً في العالم- وأجمل عشر روايات) ولحد الآن نشرت ملخص مايقارب الخمسين رواية، إضافة لنشر المقاطع التراثية والأبحاث الهامة التي لها علاقة بالتاريخ والأساطير القديمة حتى نحقق التنوع والفائدة للمتابعين. وبالفعل فإن موقع دار الكتب الوطنية حتى اليوم يحقق متابعة ملحوظة وسّعت من إطار التذوق الجمالي الفني . وفي حال استمر الحظر حتى إشعار آخر، وكان لابد من متابعة الحياة على أرض الواقع، وتم السماح لنا من قبل الجهات المعنية بعودة الأنشطة الثقافية والفعاليات فسنتابع أعمالنا ونعود إلى خطتنا الاعتيادية بإقامة الأنشطة على المنابر الثقافية مع الالتزام بمسافة الأمان في المراكز الثقافية، حتى من الممكن أن نقوم بتوزيع الكمامات والتعقيم إن لزم الأمر بالاعتماد على لجان تنظيم خاصة تقوم بالعمل المناسب الذي يحمي الحضور من أي خطر ممكن.
رقم العدد ١٦٠٤٠

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار