الجماهير – بيانكا ماضيّة
حين تنصّب نفسَك ناقداً أدبيّاً، فمن ضرورات امتلاكك هذه الصفة، أن تكون مطلعاً على تاريخ النقد، العربي والغربي، وأن تكون ملمّاً بالمناهج النقدية، من تاريخية واجتماعية ونفسية وموضوعاتية وبنيّوية، وأن تكون مبحراً في تفاصيل المصطلحات الخاصة بهذه المناهج وعارفاً معانيها، وأن تكون مطلعاً على الكتب النقدية المترجمة والعربية، لتكون أهلاً لصفة (ناقد) التي تؤهلك لأن تنقد نصاً شعرياً واحداً، أو قصة قصيرة واحدة، أو رواية. يعني بالمعنى المختصر المفيد، أن تكون متخصصّاً في النقد.
أما أن تكون مبتدئاً في كتابة النصوص النثرية القصيرة، ولاتعرف النحو من الصرف، ولاتعرف الـ(فاعلن) من الـمضاف إليه، ولا بحر الرجز من البحر الأبيض المتوسط، ولاتعي النقد من القراءة الانطباعيّة، من قراءة مجلة الحائط، ولم تسمع في حياتك بمفردة (مستشزرات) ولاحتى بإمكانك تهجئتها الآن لأنك تتلكأ في قراءتها، ولم تقرأ يوماً (مغني اللبيب) يا أيها اللبيب، فأيُّ نقد هذا الذي كان اسم الفاعل منه صفة تلصقها بك؟!
مع نظرة الصقر الثاقبة، وطلقة حارقة خارقة، وما رميتُ إذ رميت، ولكن الله رمى!.
رقم العدد ١٦٠٧٠