الكتابة على آليات النقل… فكاهة ودروس حياتية وانعكاسات نفسية واجتماعية

الجماهير – عتاب ضويحي

ظاهرة قديمة جديدة ، طالما لحظناها على زجاج وصناديق السيارات والمركبات الخلفية وحتى الأمامية، كتابات وعبارات منها فكاهي وطريف ومنها مليئة بالحكم والمواعظ، وأخرى لدرء العين والحسد، والكثير منها للغدر والخيانة والعشق والهيام.
تتعدد الصور التي يعبر بها سائقو السيارات والمركبات عن واقعهم وهمومهم واعتراضاتهم الاجتماعية والاقتصادية، وتأتي الكتابة على آلياتهم متنفساً لهم أو لتعويض الإحساس بالخسارة والخيبة التي يعاني منها، وكأنها دفتر معاناة متنقل، أو طريقة للتواصل الصامت مع الآخرين.
العين والحسد
ربما من أكثر العبارات والجمل التي نراها على زجاج السيارات تلك التي يعتقد صاحبها أنها تدفع العين والحسد ومن أشهرها “عين الحسود فيها عود، أو تبلى بالعمى” “اللهم أعط كل إنسان ضعف ما يتمناه لي” “يا ناظري نظرة حسد أشكيك لواحد أحد “.

خذوا الحكمة من على زجاج السيارات
تحتل الحكم والمواعظ حيزاً كبيراً من اهتمامات السائقين، فكثيراً ما نقرأ عبارات وعظية وحكم ” حسن الأخلاق يدر الأرزاق، احترام الكبير واجب”.
طرافة ولفت الانتباه
يلجأ الشباب إلى كتابة عبارات مضحكة وفيها من الظرف والطرافة على سياراتهم من باب الفكاهة ولفت الانتباه “يا رب رضاك والجنة والموضوع هداك، مصيرها تكبر وتصير همر، الله يحميكي من الميكانيكي، والجملة الأكثر شهرة لا تلحقني مخطوبة ” أو تسمية سياراتهم بأسماء سيارات فارهة من باب الدلال وعدم انتقاص قيمتها.
التهكم على الواقع
أيضاً يلجأ سائقو السيارات للتهكم على واقعهم أو السخرية من أحوالهم “البحر مالح والدنيا مصالح” “وراء كل رجل مديون امرأة”. “القوة لك والباب للسائق” “يرجى إغلاق الباب بهدوء” “من كتر همومي سقت عمومي”.
كما للغدر والخيانة وأغاني المطرب المفضل مكان على السيارات “عشقت السفر من غدر البشر “حتى هدف حياتي طلع تسلل”.
كذلك الأدعية بهدف الوقاية والنجاة وتحقيق السلامة والتي غالباً مانراها مكتوبة على مركبات الشحن الكبيرة، “محروسة والله حاميها، سيري فعين الله ترعاكي”.
وبعض العبارات للتنبيه والحذر” تمهل باص مدرسة توقف متكرر” أو تسمية المركبة بأسماء فرد من العائلة أو باسم المحبوبة”محبوبة أبو عبده سمرا وكحيلة عين”.

الظاهرة من وجهة نظر نفسية
ترى غادة حامد مرشدة نفسية أن تفسير هذه الظاهرة يرتكز في الأساس على منظومة القيم المختلفة التي تسود المجتمع في سائر نواحي الحياة، إضافة إلى أنها مزيج نفسي اجتماعي لدى الأشخاص، وهي وسائل يهدف أصحابها منها لفت الانتباه لافتقار بعضهم للرضا عن النفس، أو فقدان تقدير الشخص لنفسه، فيلجأ لمثل هذه الطرق غير المألوفة عند المجتمع، للتعبير عما في داخله كالكتابة التي تشبه إلى حد كبير الكتابة على الجدران، وقد تفسر على أنها نوع من التعويض حيث لا يستطيع الكثير من الأشخاص الحصول على ما يريدون، ويكون مستوى طموحهم أعلى بكثير من مستوى واقعهم، وكنوع من التكيف مع مستوى الواقع، ويمكن أن تكون انعكاساً نفسيا ً، وقد لا يتعدى عند البعض الآخر أكثر من مجرد طرافة وفكاهة فقط.
رقم العدد ١٦٢٩٦

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار