الجماهير – أنطوان بصمه جي
لعل حياة الهجرات المتلاحقة التي عاشتها امرأة طاعنة في السن تختزن فيها الكثير من الحكايات القاسية، فيكفي أن تنظر إلى وجه المعمرة “ماري داوود قزانجيان” مواليد 1914 لتسرح بمخيلتك عن قصص الحرب العالمية لتلم بتفاصيل الحدث كاملاً، بداية من المجازر التي تعرض لها الأرمن على يد الاحتلال التركي والحرب العالمية الأولى.
كما عاصرت المعمرة ماري عندما بلوغها 6 سنوات إعلان استقلال سورية عن الاحتلال العثماني عام 1920، مروراً باستقلال سورية بعد جلاء المستعمر الفرنسي عنها 1946 وكانت شاهدة على حرب 1948 ونكسة 1967 وحرب تشرين 1973، ويبدو أن عمرها الطويل لم يشفع لها بل أرغمها على حضور الحرب على سورية مطلع 2011 .
هجرات متلاحقة عصفت بحياة سنوات المعمرة ماري (107عاماً) حيث سكنت في مدينة تل أبيض التابعة لمحافظة الرقة وانتقلت بعدها للسكن في منطقة عين العرب شمال شرقي محافظة حلب، وبعد أن تقطعت بها السبل لجأت عام 2015 إلى دار المسنين للطوائف الأرمنية بحلب الكائن في حي الميدان وبمجرد النظر إلى تقاسيم وجهها التي اكتسبتها مع مرور الوقت، يبادر إلى ذهنك تلقائياً حياة التيه “الطويلة” التي عاصرتها.
استغربت تلك المعمرة وجودنا فبعد انتظار وقت قليل يشير لنا من بعيد مدير دار المسنين للطوائف الأرمنية أفاديس قاطرجيان إلى المرأة المسنة ليعرفنا عنها، تراها ذات حركة ثقيلة فلا يمتد يومها قط خارج سور الدار متنقلة من زاوية إلى أخرى بحسب برنامجها اليومي “الروتيني” تشارك زميلاتها المسنات في كل البرامج الاعتيادية بدءاً من الفطور الصباحي إلى وجبة الغذاء الى الاحتفالات المقامة في الدار.
بدوره، قال مدير دار المسنين للطوائف الأرمنية أفاديس قاطرجيان أنه بعد تعرض مقر الدار الأساسي الكائن في حي بستان الباشا للدمار، أثناء الحرب وخروجنا منه منذ 2012، تم اتخاذ مشفى فرجيكن كولبانكيان “التوليد” مكاناً للدار وسمي باسم الكاهن (ميتزن نرسيس) الذي أسس في القرن الخامس داراً للمسنين في جمهورية أرمينيا بالإضافة إلى تأسيسه المشافي ودار للأيتام والأعمال الخيرية.
وأكد قاطرجيان وجود ثلاثة أطباء مناوبين للاطلاع على الحالة الصحية للمسنين ووجود بعض المؤسسات الخيرية ومحسنون من أبناء الطوائف الأرمنية الثلاث يساهمون في تأمين النفقات اللازمة لتلبية احتياجات الدار.
رقم العدد ١٦٣١١