الجماهير / ياسمين درويش
تتزين أزقة حلب القديمة بأبواب البيوت النحاسية المصنوعة بحرفية عالية، والتي تتوزع ضمن الزقاق الواحد فلا يواجه باب منزل أي باب آخر مراعاة للتقاليد.
تتشابه الأبواب الخارجية للبيوت على الرغم اختلاف البيوت من حيث المساحة والترف وهذا نوع من المساواة بين الغني والفقير في الحي الواحد.
تتشابه أبواب الخانات والحارات والمساجد والكنائس مع أبواب البيوت إلا من ناحية كونها أكبر لتستوعب عددا أكبر من الناس.
وفي زيارة لسوق النحاسين المتواجد في المدينة القديمة حدثنا الحرفي في محل عطا حاج حسين عن كيفية صنع الأبواب النحاسية فالباب بداية يصنع من أجود أنواع الخشب، ثم يغطى من طرفيه بمعدن النحاس وتوضع المسامير النحاسية على الطرف الخارجي للباب بأشكال مختلفة والغاية منها التزيين فعلى سبيل المثال تكون على باب المنزل بشكل وردة أو مزهرية اما على باب المسجد فتتشكل تلك المسامير بتشكيلات إسلامية متميزة.
ولكل باب سقاطة يستخدمها الزائر للطرق على الباب وتصنع من النحاس أو الفونط وتكون بأشكال مختلفة ككف اليد الصغيرة أو رأس نمر.
أما أبواب الكنائس فتصنع من لوحين كبيرين.
في سوق النحاسين نجد الصناعة الباهرة الجمال المشغولة يدويا بحرفية عالية وبأيد سورية ماهرة.
وأخبرنا الحرفي أن عمر أن المحل يعود لأكثر من مائة وخمسين عاما حافلة بالإبداع والعطاء في العمل في تلك المهنة المتوارثة عن الآباء والأجداد.
في سوق النحاسين أبهرتني الثريات النحاسية التراثية الطراز ذات القناديل المتدلية.
أما الحرفي أحمد أبو شعر أخبرنا أنه لا يزال يحافظ على مهنته بالرغم من كل الظروف التي تعصف بوطننا الحبيب سوريا، وقلة المبيعات بسبب توقف السياحة ووباء كورونا، وهو يسعى جاهدا لإيجاد تسويق للنحاسيات المتواجدة في محله من أوعية نحاسية المزينة بالخط العربي وصبابات القهوة المرة اللامعة أو ذات النقوش.
وفي نهاية المطاف قابلنا حرفي أخبرنا أنه يعطي من روحه واهتمامه وإبداعه الكثير لكل قطعة يقوم بصناعتها، فكل قطعة تحتل جزءا من ذاكرته وقلبه.
وتمنى إيلاء السوق المزيد من الاهتمام ليعود إليه بريقه وألقه الذي فقد بعضا منه.
رقم العدد 16368