الجماهير/ محمود جنيد
يمكنك أن تستشعر ” معلمية” هذا الحلاق الجوال الظاهر بالصورة، قبل أن تجرب قصاته وتسريحاته، من خلال اختياره للموقع الاستراتيجي في قلب ساحة العبارة، إذ يأتيه الزبون بعد مروره بالأسواق وقد تصبب عرقاً من القهر، ووقف شعر رأسه من هول الارتفاع الجنوني بالأسعار، لتسهل عليه ( الحلاق) المهمة و الكلفة ، فلا يحتاج لترطيب أو نفش الشعر أو الذقن.!
حلاق الدراويش الجوال الذي لاحظنا مهنيته العالية وخفة يده ، رصدناه من نافذة غرفتنا في مقر الجريدة، و التقطنا له عدة صور من مرصدنا أعلاه، قبل أن ننزل إلى مقامه وندخل معه بحوار دون الإفصاح عن هويتنا، ليؤكد لنا بأن ليس لديه تسعيرة محددة و يمكن للزبون أن يدفع الأجر الذي يوافق إمكاناته أياً كانت قيمته.
كوافيرنا رد على تساؤلنا حول نظامية عمله بهذه الطريق وفي الهواء الطلق ودون رخصة وإن كان يخشى من مرور دورية معنية تنزل عليه المخالفة و العقاب، بسؤال مضاد: مالهم ومالي و أنا رجل متعيش على باب الله وألتقط رزق عيالي دون أذية لأحد.
وبعد الانفضاض من حديثنا مع حلاق الهواء الطلق، توجهنا بالسؤال بالزبون الستيني، حول الأسباب التي دفعته لاختيار حلاق طيّار قد لا تتوفر لديه شروط التعقيم المثالية، فأجابنا بأنه يحب الدراويش، الذين لا يجدون مكاناً للعمل، في حين أصحاب صالونات الحلاقة يقصون رؤوس الزبون قبل شعره بأسعارهم المرتفعة، ليكون حلاق الدراويش هو الخيار المثالي.!
رقم العدد ١٦٣٧٩