بقلم زاهـر البركـة
يذهب جزء مهم من عمرنا ومن تعبنا ونشاطنا المهني في سبيل تأمين الغذاء ومكملاته لأجسامنا حتى نحافظ على صحة جسمنا وتوازنه وتعويض الخلايا التالفة وتأمين الطاقة الحيوية اللازمة للقيام بواجباتنا وأنشطتنا المتنوعة في الحياة. ولكن هل أحد انتبه أو فكر في عملية معاكسة في التأثير والأهداف لعملية التغذية؟!!… إنها عملية التآكل الحاصلة في جسمنا التي تحدث صمتاً بدون شعورنا وتزداد وتيرتها باستمرار مع تقدم العمر.
جسم الإنسان كالسيارة أو الآلة فهو يحتاج إلى وقود لتحريكه وهو الغذاء الصحي والمتنوع ولكن بنفس الوقت ما يلبث الجسم يبدأ بالتآكل في أجهزته وأعضائه مع تقدم العمر تماماً كما تهترأ السيارة ويزداد التلف والاهتراء مع مرور الزمن واضطراداً مع زيادة الاستهلاك … ولضمان تشغيل السيارة باستمرار تحتاج دورياً إلى قطع تبديل وصيانة… ويعلم الجميع أن السيارة المستعملة ستصل في نهاية المطاف إلى حالة عدم الجدوى من التصليحات والصيانة.. ولا بدّ من إرسالها إلى السكراب “مدفن السيارات”.
وشيخوخة الجسم هي نتيجة التآكل المديد حيث تشيخ خلايا الجسم مع تقدم العمر ويضعف أدائها الوظيفي. فالجسم البلوري في العين عندما يتعب ويُستهلك.. سنعاني من قصر البصر ومده، وعندما تتآكل الأسنان نحتاج إلى تعويضات سنية وتصليحات …وعندما تتعب المفاصل والغضاريف وتتنكس نضطر أحيانا لتحمل العواقب وتصل الحالة عند البعض في نهايات العمر لاستعانة بالعكازة والمشاية “ووكر”…ويمكن سحب الأمر نفسه على باقي أجهزة الجسم كالكلى والبنكرياس والمعدة والأمعاء عندما تتآكل…
هكذا هي الحياة تكون محدودة جداً للإنسان بوجود حدود صحية وصلاحية زمنية لأعضاء جسمه لا يمكن تجاوزها مع الزمن.. مهما اجتهدنا في اتباع الحميات الغذائية وأنماط الحياة…وتعب كلها الحياة تعب …فما أعجب إلا من راغب بازدياد..
ويبقى الاعتدال والتوازن في المأكل والمشرب والنشاط اليومي وعدم الإفراط في أي شيء أو نشاط هو سلوك متعقل وحكيم يحفظ أجسامنا وأنفسنا من التلف والتدهور بسرعة.