ندوة علمية للتعريف باللغات الوطنية في رحاب جامعة حلب

 

الجماهير_ أنطوان بصمه جي

 

أقام المعهد العالي للغات في جامعة حلب، صباح اليوم، ندوة علمية للتعريف باللغات الوطنية، حيث تم التطرق إلى نشأة اللغة الأرمنية والكردية والسريانية وعدد حروفها واسهاماتها واتصالاتها الثقافية والتاريخية، حيث احتضن مدرج إيبلا في مبنى كلية الآداب والعلوم الإنسانية عدداً كبيراً من المهتمين في الشأن اللغوي والكوادر التدريسية وطلاب الجامعة والمنظمات الشعبية.

الدكتور إبراهيم الحديد أمين فرع جامعة حلب لحزب البعث العربي الاشتراكي أكد على أهمية اللغات لما لها من إضاءات واقعية وعقائدية مبيناً أن مدينة حلب مهد أقدم الحضارات الإنسانية المستمرة ومنطلق النشاط البشري الأول في مجال الأبجدية والتي اكتشفت في رأس شمرا وكان لها شأن كبير في تغيير مجرى الكتابة وتطويرها وجعلها سريعة وملبية لاحتياجات الإنسان.

وأضاف الدكتور حديد أنه من دواعي سرورنا جميعاً أن نكون في هذا الافتتاح للتعريف باللغات الوطنية التي تنبثق أهميتها من الضرورات الملحة لدراسة التطور معرفة الإنسان بالخط منذ عصور ما قبل التاريخ. عندما بدأت في محاكاة الانسان للحيوانات والبيئة المحيطة به وتطورت إلى أن أصبح لكل حضارة لغة خاصة مكتوبة، تشكل أداة الإنسان للتعريف بحياته ومنجزاته وتوثيق تاريخه وهي شواهد حقيقية بالغة على حضارات مرت واندثرت وأخرى استمرت في التطور والنشوء، ومن هذا المنطلق جاء قرار جامعة حلب المتخذ قبل ثماني سنوات بالموافقة على إحداث قسم اللغات الوطنية في المعهد العالي للغات ليؤكد على اهتمام مؤسساتنا الجامعية بهذه اللغات مثل الكردية والسريانية والأشورية والأرمنية، باعتبارها تراثاً وطنياً يعزز الوحدة الوطنية في إطار وحدة أراضي الجمهورية العربية السورية.

وأشار الأستاذ الدكتور منذر عبسي عميد المعهد الغالي للغات خلال كلمته الافتتاحية إلى أهمية اللغة في التواصل بين الشعوب والتي تعد بمثابة الوسيلة التي من خلالها تم الحفاظ على ثقافة الأمم والشعوب ودورها الهام في ربط الفرد بأمته وحضارته، مبيناً أن تواجد العديد من اللغات المختلفة في سورية يعد غنى ثقافي لأي أمة مشيراً إلى دور المعهد العالي للغات في الاستمرار بتقديم اللغات المختلفة للطلبة الراغبين في إتقانها.

 

وقدمت ماريا مانوكيان محاضرة للتعريف باللغة الأرمنية التي اتسمت بتميز كل صوت بعلامة خاصة وتم الحفاظ عليها حتى اليوم دون الحاجة إلى التغيير أو التحسين لأنها تمتعت منذ البداية بالكمال فهي تتفوق على كثير من اللغات من حيث الأسلوب، فقد تزامنت نشأتها مع ولادة الشعب الأرمني في مجتمعات الجبال الأرمنية واختراع أحرف كتابتها من قبل ميسروب ماشدوتس الذي شغل منصب كاتب الديوان الملكي آنذاك.

 

في حين بيّن المهندس قازقلي محمد خلال محاضرته التعريفية باللغة الكردية أقسامها ونظريات نشأتها ولهجاتها الرئيسية كاللغة الكردية الكرمانجية الشمالية المستخدمة في عفرين وعين العرب ورأس العين والدرباسية وعامودا والقامشلي والحسكة إضافة إلى مدينتي حلب ودمشق، مشيراً إلى أهمية تنوع وتعدد اللغات في سورية غنى وثراء للبلاد وليس وهناً وضعفاً ذلك لأن تنوعها يعني تنوع الثقافة وبالتالي تنوع الإبداعات والكفاءات في جميع المجالات.

بدورها، أكدت ليلا دلي آبو خلال محاضرتها للتعريف باللغة السريانية والتي اقتبسها اليونان وأصبحت مصدراً للكتابة حيث كان الآراميون هم الأكثرية التي امتلأت بهم سوريا وبلاد النهرين وغيرهم من الأقوام امتزج بهم في العهود اليونانية والرومانية والفارسية، لكن الآرامية التي تكلم بها السيد المسيح بقيت اللسان السائد الذي يتكلموا به السكان فيما بينهم، وحلت الآرامية محل الأكادية القديمة وحوالي 700 سنة قبل الميلاد غدت الكتابة الآشورية بالأبجدية الآرامية.

وبينت المحاضرة دلي آبو أن دخول الفرس مكن اللغة الآرامية من تحقيق امتداد على كامل مساحة الدولة الفارسية باعتمادها لغة رسمية للدولة الفارسية ولغة دولية مشترك بين الأمم في القرن الخامس قبل الميلاد، ومع مرور الزمن حلت اللغة الآرامية محل اللغات الشرقية كافة بما فيها العبرية القديمة والفينيقية لتصبح لغة التجارة والمعاملات والتخاطب معلنة نفسها كأول لغة سامية تنتشر على هذا الامتداد الجغرافي قبل الميلاد.

تلا الندوة العلمية جولة في معرض يحتوي على أشغال يدوية تدل على انصهار اللغات وامتزاجها في مدينة حلب وافتتاح قاعة التعاون السوري الروسي وعيادة اللغات الأجنبية في المعهد العالي للغات .

تصوير: هايك

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار