الغناء الأوبرالي إبداع وجمالية أداء.. ولقاء مع المغني إلياس زيات

الجماهير || زُهيدة هورو

لأن الغناء هو فن وعلم من أحد أهم علوم الموسيقا الكثيرة والمتنوعة، ولأنه يمتاز بأنماط عدة وألوان مختلفة، كان لابد من أن نعرج بالتعريف عنه ولو بأسطر مختصرة وخاصة الأوبرالي منه، إذ يعتمد هذا النمط من الغناء في نشأته على قدرات صوتية محترفة وجمالية في الأداء وحسن التعبير الممزوج مع إحساس المغني بصوته الجهور والمميز ، كما أن هذا الصنف من الغناء يتطلب من المغني دراسة أكاديمية، وحاله كحال العزف على الآلة الموسيقية وربما يكون أصعب من ذلك، لأن العزف هنا مختلف حيث الصوت هو الآلة، يشدو من خلاله المغني عازفا على أوتار صوته لغة تخاطب الروح عشقا لتعتلي محراب القلب ملامسة مشاعرنا وأحاسيسنا، ذاك العزف صيغة من نغمات وكلمات مترجمة لنا حكايات الأحلام وقصص الخيال وكل مافي الحياة من حالات بألوان من أصوات مميزة أضاءت بالغناء،  كلمات أشادت هياما لتجتاح كل مافينا دون استأذن ..

ما إن نبدأ بالاستماع للغناء الأوبرالي ومشاهدة إبداع عرضه الفني الراقي  نشعر وكأننا نعيش في زمان ومكان آخرين، إذ نغمض أعيننا سحرا لروعة وجمالية الحالة مما نسمع ونشاهد  لنرسو  بمكان وزمان غير  الذي نحن فيه وكأننا أبطال حكاية ذاك العرض الأوبرالي المبهر .

 

إلياس زيات مغن أكاديمي وأستاذ للغناء الأوبرالي، ولكي نكمل ما بدأنا به حديثنا عن عراقة هذا الفن، لابد من حوار ممتع معه، ليطلعنا أكثر على هذا النمط الغنائي الراقي وتفاصيل أخرى عنه.

 

الغناء الأوبرالي

وللتعريف بالغناء الأوبرالي يقول هو نوع من الغناء الخاص بعروض الأوبرا، ومن هنا جاءت تسميته بالأوبرالي، ويعتمد هذا النمط من الغناء على تقنيات معينة تستخدم في أساس فن الأوبرا، وكلمة أوبرا تعني العمل باللغة الإيطالية، وقد نشأ هذا الفن في إيطاليا حوالي عام 1600، والعرض الأوبرالي يكون مسرحية مغناة تقدم عادة على خشبة مسرح دار الأوبرا  مصحوبة بأوركسترا أو مع فرقة موسيقية حيث تتضمن الموسيقا والغناء والتمثيل وأيضا الرقص في بعض الأحيان.

وأهم الخصائص التي تميز الغناء الأوبرالي عن غيره، يضيف بأنه يكون هناك دقة في الأداء والتكنيك العالي للمغني من حيث نقاء وقوة الصوت  بحيث لا يضطر لاستخدام مكبر الصوت ( الميكروفون) .

 

مقاييس وشروط

وعن المقاييس والشروط المعتمدة في الغناء  الأوبرالي أوضح زيات بأن المقاييس هي بشكل عام طريقة أداء المغني وطبيعة الصوت المستخدم في الغناء من حيث مكان خروج الصوت وطريقة لفظ مخارج الحروف بالإضافة إلى الكاريزما الخاصة لمغني الأوبرا،

وتابع قائلا: من المؤكد أن هناك شروطاً واجب توفرها في مغني الأوبرا، أهمها أن تكون طبيعة صوت مغني الأوبرا مناسبة للغناء الأوبرالي من حيث قوة الصوت ومخارج الحروف، وأضاف بأن يمتلك التقنية العالية في الأداء، كما يجب أن تكون شخصيته مناسبة للدور الذي يؤديه وأيضا أن يكون على علم ودراية كافية بكل ما يتعلق بفن التمثيل وكيفية التعبير والحركة على خشبة المسرح،  مثله مثل أي ممثل مسرحي.

 

صعوبات الغناء الأوبرالي

وعن الصعوبات التي تواجه مغني الأوبرا يبين لنا بأن هناك عدة صعوبات ولكي يجتازها المغني عليه أولا  أن يدرس الموسيقا بكل مافيها من علوم بالإضافة لاختصاصه الأساسي، ألا وهو الغناء، كما عليه أن يدرس ويتعلم مبادئ التمثيل من كيفية التعامل مع خشبة المسرح والحركة عليه، والأهم إظهار كل تفاصيل الشخصية التي يؤديها من خلال الغناء، والتي تكون ممزوجة بأحاسيسه ومشاعره، كما عليه أن  يتعلم ويجيد لغات عدة خاصة بالغناء الأوبرالي.

وهذا برأي زيات من أصعب مايواجهه المغني حيث يجب عليه أن يحفظ ويؤدي أغنية بلغة تختلف عن لغته الأم وأن يلفظ الكلمات بطريقة صحيحة وكأنه يؤدي أغنية من لغته الأساسية التي يتكلم بها .

 

اللغة

وبسؤالنا لزيات عن اللغة الأساسية المعتمدة في الغناء الأوبرالي  يضيف بأنه وكما ذكر في البداية  نشأة الغناء الأوبرالي في إيطاليا، لذا اللغة الإيطالية هي اللغة الغالبة، ثم بدأت تستخدم لغات أخرى، منها ( الألمانية، الروسية، الإنكليزية، الفرنسية) وغيرها، وكلمات الغناء الأوبرالي هي كلمات ملحنة للشخصية المراد تأديتها من قبل المغني، وأثناء اللحن قد يمد الملحن حرفا معينا ولمدة زمنية معينة، وذلك ليظهر إمكانات ومهارات المغني، وهناك في بعض الحالات تستخدم أحرف صوتية فقط أثناء غناء لحن ما و لآلة معينة ” الكمان” مثلاً، حيث يؤدي المغني فيها وبصوته دور الآلة غناءً بدل العزف .

وبالنسبة للألحان الخاصة بالغناء الأوبرالي، ذكر بأن الألحان يجب أن تكون مناسبة لنص المسرحية التي تبنى عليها عادة عروض الأوبرا، لذا كل ملحن يرى ما يناسب النص الأساسي للعمل، وبناء عليه يبدأ بعمل اللحن .

 

طموحات مستقبلية

وفيما يتعلق بطموحاته بهذا الفن الغنائي الراقي، أجابنا: منذ تخرجي في المعهد العالي للموسيقا بدمشق كأول مغني تينور، كنت أطمح دائما للمشاركة بأعمال أوبرالية، وقد تم لي ذلك وفي عدة مناسبات وحفلات مهمة، ومازلت أطمح دائما لمثل هذه المشاركات، ولتعلقي وشغفي الكبيرين بالغناء الأوبرالي، كل هذا دفعني لأن أقوم بتدريسه وبطريقة أكاديمية للطلبة الموهوبين بهذا النمط الغنائي، وذلك في معاهد موسيقية عدة كمعهد صلحي الوادي بالإضافة للمعهد العالي للموسيقا بدمشق.

ولتمسكه وشغفه بهذا الفن، أكد وبإصرار بأنه سيبقى يدرّس فن الغناء الأوبرالي لكل من يرغب في تعلمه وتأديته، مؤكدا بذلك على أهميته وعلو مستواه الفني الراقي الذي يمتاز به.

وفي نهاية حديثنا معه لفت إلى أن هذا النمط الغنائي المهم و نظرا  لجماليته المطلقة في الأداء، ولكي يحقق النجاح والانتشار المطلوب بمجتمعاتنا، لابد من التعريف عنه وتقديمه للجمهور من خلال العروض الأوبرالية وتعليمه بشكل أكاديمي ليحقق حضورا ووجودا في مجتمعاتنا الشرقية كواحد من أهم الفنون الحضارية الراقية والجميلة.

 

 

بإمكانكم متابعة آخر الأخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام

https://t.me/jamaheer

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار