الجاز ورسائل السلام

الجماهير / زُهيدة هورو

عندما نتوسع بالحديث عن كل مافي الموسيقا من علوم وتفاصيل مهمة، لابد أن ننفرد أيضا بكل مافيها من ألوان وأنماط متعددة ومختلفة. ومن المؤكد أن ما نعنيه من ذلك هو الثقافات الموسيقية الخاصة بكل شعوب العالم، فالموسيقا شأنها شأن الحياة، تحيا هي الأخرى على التنوع والاختلاف لتزدهي بإيقاعاتها ونغماتها صورا تجسد الحياة بكل مافيها من حالات متألقة بتلك العراقة والثقافة بكل مفاصلها، وما تمتلكه من أنماط مختلفة ومتنوعة، جعلها مشابهة لجمال وسحر  ألوان قوس قزح، مشكلة أبجدية خلقت وبعبقرية مبدعيها، لتحاكي الوجدان والروح ولتوحد شعوب الأرض رغم الاختلافات فيما بينهم، لصهرهم في بوتقة الموسيقا.

نعم، وهو ما تسعى إليه بالضبط موسيقا الجاز عبر ما تقدمه من مقطوعات تحمل في طياتها الكثير والكثير من رسائل المحبة والسلام والدعوة للمساواة بين الناس من خلال رفع الوعي لديهم، معززة بذلك دور الشباب في المجتمع لتحقق التغيير فيه بكل هو متطور وحضاري من أفكار. وموسيقا الجاز منذ ولادتها الأولى شكلت بصمة خاصة بها بما تمتلكه من خليط فني انبثقت منه إيقاعات أفريقية ممزوجة مع أنغام أوروبية، إذ أخذت لنفسها شكلا جديدا كسر كل القيود والحواجز، مشجعا على الدمج مابين الموسيقا ومافيها من أصناف تقليدية مع أصناف الموسيقا الحديثة والمعاصرة وذلك للتأكيد على دورها البارز وأهميتها كنمط موسيقي امتاز بتعدد الإيقاعات فيه والارتجالات .

ومع كل ماتم ذكره عن الجاز  إلا أن مازال هناك الكثير من التفاصيل،  سيطلعنا عليها المايسترو حسان الباد،  وهو من أحد الأساتذة الأكاديميين من خريجي المعهد العالي للموسيقا بدمشق،  له العديد من  الإنجازات الثقافية المهمة، خاصة الموسيقية، وهو ممن احترفوا الإبداع في حياتهم، ليكون طريقه مكللاً بالنجاح والتميز .

الجاز

وندع الباد ليعرفنا أكثر على نشأة  موسيقا الجاز، ليؤكد بأنه نوع موسيقي نشأ في المجتمعات الأفريقية الأميركية وذلك في أواخر القرن التاسع عشر. وقد جاء هذا النمط الموسيقي بشكل عفوي وفطري دون التخطيط له، وذلك اعتمادا على الإيقاعات والتقسيم الجماعي المشترك. وقد تطور  من جذور موسيقية تعود ال٥ى ( البلوز والراجتايم )، وهي قوالب موسيقية.

وعن أهم الآلات المستخدمة في الجاز  يضيف بأنها  ( الكونتر باص، الساكسفون، ترومبون، ترومبيت، كمان،  بيانو، درامز، غيتار ) مشيرا إلى أهمية هذا النمط الموسيقي وإلى أهم ما يرمز إليه، وهو السلام والمساواة بين أفراد المجتمع ككل .

طابع خاص

وعن الطابع الموسيقي الخاص بالجاز، أكد الباد على السمة المميزة والخاصة بموسيقا الجاز، وهو كما ذكرنا بتعدد الإيقاعات والارتجالات، ما يجعل من هذه الموسيقا  نمطا مختلفا و مميزا عن سواها، لأنها تعتبر خليطا من مختلف ثقافات الفن  والتراث الموسيقي حول العالم.

تمازج موسيقي

وبسؤالنا له عن وصف حالة التمازج ما بين الجاز والموسيقا الشرقية، يجيبنا عن جمالية ذاك التمازج بأن الجاز استطاع أن يكون قالبا تنبثق من بوتقته قوالب ثقافات موسيقية مختلفة، ومن ضمنها الموسيقا الشرقية.

ومن هنا ابتكر ما يسمى ( الجاز الشرقي ) والذي جاء كإعادة  للموسيقا العربية التقليدية باستخدام عناصر مختلفة من الجاز، ليكون بذلك نمطا جديدا متكاملا مع موسيقى البوب، اعتمادا على آلة الساكسيفون إلى حد كبير .

مؤلفات الجاز

وعن أشهر مؤلفات الجاز، يقول الباد هي مقطوعة  (Take five)، والتي قام بتلحينها العازف بول ديزموند  ومقطوعة( Round Midnight )  للمؤلف ثيلونيوس مونك وأغنية (Waht awonderful ) للمغني لويس ارمسترونج .

مجتمعات شرقية

وعن أهمية وجود الجاز  في مجتمعاتنا الشرقية، وإن كان قد حقق النجاح المراد منه بين الجمهور العربي  يؤكد الباد أن هذا النمط الموسيقي المميز جعل مستمعيه ممن يتذوقون هذا الفن العريق يعيشون في عالم موسيقي شاسع الأطراف، إذ يجدون فيه اللون الموسيقي المبهر ، والذي يتوقون إليه، ليلمسوا ما فيه من تفرد موسيقي يحمل في طياته روعة الاختلاف اللافت بجماليته، إذ إنه نجح  في إيصال رسائله الفنية السامية والتاريخية لجمهوره، والتي تهدف لمكافحة العنصرية والتمييز، وتسعى لتكريم الروح الإنسانية التي لا تقهر ، وبهذا استطاع  الجاز وبكل  ما اتسم به من خصائص وميزات أن يلقى حضورا مميزا ونجاحا بين الجمهور العربي الذواق  للفنون وبكل أشكاله وثقافاته.

احتفالية الجاز

والسبب من احتفالية اليوم العالمي للجاز والهدف منه، يوضح الباد أن هذه الاحتفالية تأتي بهدف تسليط الضوء على موسيقا الجاز ودورها الدبلوماسي في توحيد الشعوب في جميع أنحاء العالم باعتبارها أداة للسلام. وقد أعلنتها منظمة الأمم المتحدة اليونسكو في عام 2011 ليتم الاحتفال بها سنوياً، وفي كل عام من يوم 30 أبريل، والفكرة بهذه الاحتفالية، جاءت من عازف البيانو والجاز وسفير النوايا الحسنة لليونسكو هيربي هانكوك.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار