المايسترو شادي نجار « للجماهير » : الموسيقا الحلبية تراث يصدح بالأصالة والعراقة .

زُهيدة هورو
عرف عنها و عن أهلها شغفهم وعشقهم للفن والطرب فمنذ القدم ولحلب شأنها الكبير والمهم  بكل مايخص فنون الموسيقا  فاستحقت عن جدارة أن تلقب عاصمة الموسيقى ومدينة الفنون والطرب فالموسيقا التي تشربها الحلبيون شغفا و هياما ترجمت شعرا يغنى , ونغمات وكلمات نظمها الأسلاف من شيوخ الموسيقيين لتكون سحراً فنياً على هيئة موشحات وقدود أجادوها غناءً مهيباً رسخ في الوجدان والذاكرة  لتتبوأ بذلك الموسيقا وفنونها ومنذ القدم مكانة كبيرة في حلب وأهلها , هذه المدينة الولادة للفن والفنانين والتي خرجت منها ألوان وأنماط موسيقية مهمة أغنت الثقافة الموسيقية بأصالتها  ،
منها انطلق الكثير من كبار الموسيقيين وعُرفوا بها و كانت حلب مركزاً لاختبار وامتحان رواد الموسيقا في الوطن العربي من عازفين ومغنين ما ساهم في إغناء التراث الموسيقي السوري والعربي .
المايسترو #شادي_نجار من أحد موسيقيي حلب المبدعين له العديد من المشاريع والإنجازات الموسيقية المهمة والتي توجت نجاحا يُشهد له فيها ,
و في حوارٍ جمعنا معه أطلعنا على تفاصيل مهمة عن عراقة الموسيقى بحلب وعن جوانب أخرى من حياته الموسيقية .
تاريخ وعراقة
وعن عراقة وتاريخ الموسيقا  في حلب وأهم ميزاتها  قال نجار : لايوجد عائلة في حلب إلا وقد عشقت الفن وتحديداً الموسيقا وهذا ليس بالأمر الغريب عن عاصمة الثقافة والفن الأصيل المشهود له عالميا ,
 وتابع : نحن نتوارث الفن مثله مثل أي إرث ثقافي مهم ونورثه بدورنا للأجيال القادمة , و حلب امتازت بتنوع الثقافات لذلك تعددت أنواع الموسيقا فيها وكذلك أنماطها بحسب ألوان تلك الثقافات وتنوعها .
ومن المعروف أنه كل بيئة تورث أبناءها موسيقاها المتعارفة لديهم وهذا ما نلاحظه فمنهم من يورث الموسيقا التراثية وأخرى تورث الموسيقا ذات الطابع الكلاسيكي  او الموسيقا المعاصرة , أي تاريخ الموسيقا بحلب تاريخ عريق و غني جدا بهذا التنوع الجميل .
وأما عن ميزات الموسيقا الحلبية  أشار نجار بأنها موسيقا غنية تحمل في طياتها الكثير من الجمل الموسيقية المتشبعة والمبنية على عدة مقامات حيث الموشح والقد الحلبي العريق الذي وصل الى العالمية بالإضافة للكثير من القوالب الموسيقية والغنائية , مؤكدا بذلك أصالة وعراقة الموسيقا الحلبية وبأن كل ما تحتويه من هذا التشعب والغنى ماهو إلا نتاج أسلافنا من شيوخ الموسيقا الحلبية وصولا إلى وقتنا الحاضر ومايقدم من أعمال موسيقية راقية والذي أدى لهذا التنوع الغني والتذوق الموسيقي الراقي المتعارف به عن  الموسيقا الحلبية .
التراث الحلبي
وعن دور موسيقيي حلب في الحفاظ على التراث الموسيقي الحلبي أكد نجار : من الواجب على كل موسيقي  إلى جانب ما يقدمه من أعمال خاصة أن يحمل على عاتقه مهمة صون التراث الموسيقي الحلبي والحفاظ عليه لينقل ويقدم وبكل أمانة للأجيال مثلما توارثنا من الأجداد ,  مبينا بأن هذا لا يمنع أن يكون لديه انفتاح واطلاع على ثقافات موسيقية اخرى
 معربا عن اهمية ذلك لأنه يغني ذائقة الموسيقي الفنية وأيضا يغني أعماله ,  مضيفا أنه و من شروط الإبداع أن يبتعد الموسيقي عن حصر نفسه ضمن خط معين وقالب معين لكي يحقق النجاح والتميز الذي يسعى إليه ضمن عمله كما يجب أن يخرج من نطاق البوتقة التي فرضها عليه ربما مجتمعه او ظرف معين , وأن يؤمن بقدراته للوصول بأعماله للإبداع الذي يحتاج إلى الإنفتاح لثقافات الموسيقية المتنوعة , وبأنه قادر أن ينطلق من خلال مايقدمه من أعمال موسيقية بتراثنا الحلبي العريق نحو العالمية .
حال الموسيقا
وكيف يرى نجار حال الموسيقا في وقتنا الحالي
يقول : لاشك بأن الموسيقا في وقتنا الحالي هي ليست بأبهى وأجمل حالاتها , يجب أن نعترف بأن كل ما مررنا به من ظروف وأزمات أثرت وبشكل مباشر ليس فقط على مجال الموسيقا بل على كل مافي الفن بشكل عام  مشيرا بأن قوة الموسيقا تأتي من قوة تذوق الناس وأنه ومن الملاحظ  في وقتنا الحالي اتجاه الأغلبية للنمط الموسيقي الذي يحاكي لغة الجسد أي بما معناه الرقص , مبررا لذلك أنه قد يمر على الإنسان لحظات يكون بحاجة فيها ليرفه عن نفسه ويفرغ مالديه من شحنات سلبية من خلال هذا النمط الموسيقي الراقص والذي أنتشر في ظل ما نعيشه في الوقت الراهن من ظروف معيشية صعبة
مؤكدا بأن هذا النمط الموسيقي يبقى محدود العمر  وينتهي بسرعة وهو ظاهرة سلبية بعالم الموسيقا ولابد من علاجها
مشيدا بذلك بدور الموسيقيين في الحفاظ على هوية موسيقانا الشرقية والعربية الأصيلة والتي تحاكي الروح البشرية لا كتلك الموسيقا الخاصة بحركات الجسد فقط .
 وعن حال الموسيقا اضاف أيضا بأنها تحتاج لعناية اكثر ولدعم اكبر من الموسيقيين ومن كل الجهات المعنية و المهتمة بهذا الفن منوهاً بهذا الدعم والذي يتمثل بالمادي والفكري .
أوركسترا صبا
ومن الإنجازات الموسيقية التي شهدتها حلب للموسيقي نجار هي أوركسترا صبا  قائلا  بأنه يعتبرها أبنة له وهي قطعة من قلبه وروحه ويراها التوءم لأبنته الحقيقية ساندرا ,حيث قدم لها  كل ما يملك من إمكانيات موسيقية وثقافية وأيضا فنية وبروح حضارية  متجددة دائما ,
وعن سبب تسمية « صبا » أجاب أنه من محبي جبران خليل جبران وإيمانا به اختار تسمية صبا والتي تعني بلغة جبران الروح الحزينة التي تهب من الشرق ,  مضيفا :  ولأنه من غير المقبول أن تبقى هذه الروح حزينة على ماهو عليه لذا لابد من أن يتحول ذاك الحزن لرسائل من فرح تصدر للخارج لتثبت وللعالم أجمع بأننا شعب لا يقهر متمسكين  بموسيقانا العربية وثقافتنا الأصيلة ولأننا عشنا الألم وآمنا أن من رحمه يولد الإبداع والأمل ،
متابعا ان مقام الصبا قد يبدأ بنوتة ولا ينتهي بنفس النوتة على عكس واختلاف كل المقامات الشرقية الأخرى
وأن كل نتاج صبا الموسيقي من تأليفه سواء كان تأليف غنائي او موسيقي ، ويتضمن مقطوعات معروفة لكن بلمسات مختلفة وتوزيع جديد بالإضافة الى ما تقدمه صبا من أعمال موسيقية  تراثية وأيضا حديثة
لافتاً الى أن ما يسعى إليه هو الوصول بكل مايقدمه من اعمال  للنجاح الذي يحمل بصمته وهويته الموسيقية الخاصة .
وإن كان هناك من فرق موسيقية اخرى ستشهدها حلب وبنفس سوية صبا
و اكد بأنه يبذل كل جهده في الوقت الحالي لدعم اوركسترا صبا لتحقق الانتشار الواسع والنجاح والتميز الموسيقي وبأنه لا يفكر حاليا بتأسيس فرق أخرى بل يكتفي بصبا والتي هي شغفه و كل هيامه واهتمامه .
البيانو
وعن علاقته الروحية مع البيانو أوضح أنها التوءم الروحي له وتجمعه مع هذه الآلة علاقة روحية متينة فكلما اعطاها من وقته واهتمامه تعطيه اكثر من الجمال الموسيقي الذي يحتاجه ، وفق علاقة متبادلة فكلما أعطاها أكثر أعطته كل ما يتمنى ويحب من رونق وجمالية الموسيقا ، ويشعر أنها تطالبه دائما بأن يستخدمها  كآلة موسيقية كلاسيكية  بكل ماهو راقٍ وثقافي وحضاري ، فهي قابلة للعزف الشرقي وايضا الغربي  , مؤكدا بأنه يحافظ عليها وبكل ما تتصف به من خصائص ميزتها عن آلة الاورغ  مضيفا بأنه يؤمن بتوظيفها بمكانها الموسيقي الصحيح و الخاص بها  لذا هي علاقة أبسط مايمكن وصفها بالوفاء و بالعلاقة المتينة جدا والوثيقة  .
رسائل محبة وسلام
 وكل ما يقدمه من أعمال موسيقية وما تحمله معها من رسائل بين نجار انها دائما تحمل رسائل محبة وسلام وأيضا احترام للجمهور الذي خصص من وقته مساحة لحضور واستماع نتاج ما يقدمه من أعمال موسيقية
رافضا بذلك فكرة الظهور على خشبة المسرح فقط لمجرد الظهور وتقديم أي عمل كان , مؤكدا قدسية هذا المكان الذي يقف عليه أمام الجمهور الذواق للفن الأصيل والذي يكن له كل الاحترام ويستحق ان يُقدم له كل ماهو راقٍ من اعمال موسيقية  تحاكي فيهم الروح والوجدان وبأن رسائله ستبقى رسائل محبة وامل وسلام مؤكدا ومن خلالها بأن الحال الذي نحن عليه لن يدوم ولا بد من التفاؤل بغدٍ اجمل فالحياة ستستمر و موسيقانا ستبقى تعزف دائما ليشرق الأمل مكان الألم والتجدد الدائم بالحياة .
أمنيات موسيقية
ويختتم نجار بإصراره  في الوصول بالموسيقا إلى ما يتمناه وكله ايمان وثقة وأمل بأن مايقدمه من موسيقا رغم انه اختار الطريق الأصعب لكنها يوما ما ستضيء نورا مشعا بسماء موسيقانا السورية .
⬇️⬇️⬇️
بإمكانكم متابعة آخر الأخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام ??
قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار