في حوار خاص « للجماهير » :المايسترو هادي بقدونس بصمة إبداعية عريقة في سماء الموسيقا السورية والعربية

زُهيدة هورو

 

نعم موسيقانا في عهدة مبدعيها ، حينما يتحول من احترف الموسيقا و تشرّب مافيها عشقاً ليحلق بالنجاح عنواناً يسمو به في سماء الموسيقا وعالمها الفكري والحسي ، ندرك حينها يقيناً بأنه لا خوف على موروثنا الموسيقي لطالما كان ومازال في عهدة من أجادوا الإبداع بأعمالهم وبإتقانٍ منظم ، خاصة العزف بمهارة واحتراف عالٍ ، حولوا كل ما في الموسيقا من سحر فني الى نوتات تشدو بكل آيات الجمال لتكون لروح البشرية الدواء من كل داء ..

ولأنه كما قيل لكل مقام مقال ولكل زمان رجال كذلك في عالم الموسيقا أيضاً هي الأخرى لها رجالها من عظماء صدحوا بأصالة الموسيقا السورية وعراقتها لتفوح بعبقها الفني العريق بكل المحافل العربية و العالمية بأعمال سجلت بصمة تميّز سوري يشهد بها وعلى مر الزمان في سماء الفن العربي ، لتخلّد بذلك جمالية موسيقانا السورية كموروث فني مهم لا يتجزأ عن حضارتنا وثقافتنا العريقة .

المايسترو #هادي_بقدونس من رجال الموسيقا السورية ممن حملوا على عاتقهم نشر الثقافة الموسيقية ببصمة نجاح وتميز أهلته أن يحلق سفيراً لموسيقانا السورية في المحافل والمهرجانات العربية والعالمية ، وبحوارنا معه ، ومن حصيلة أعوام طويلة مكللة بأعمال راسخة بذاكرتنا ، حدثنا عن تفاصيل مهمة من جوانب مشواره الفني الحافل بالإنجازات المهمة المتميزة  .

» ذكريات الزمن الجميل

والبداية عن التلفزيون والإذاعة السورية و عن ذكريات الزمن الجميل حدثنا المايسترو #هادي_بقدونس أنه من حسن حظه ابتدأ مشواره الفني والموسيقي وهو في سن مبكرة مع كبار الأساتذة الموسيقيين وهم سليم سروة  والراحل اسعد خوري ، وأمين الخياط قائد فرقة الفجر الموسيقية والتي منها انبثقت فرقة النجوم السورية , حيث  تبنى الخياط حينها موهبته الموسيقية داعما له ومحتضناً ذاك الشغف الموسيقي الذي بدا واضح المعالم عليه , وثقة الخياط الكبيرة به دفعته إلى تسليم زمام فرقته الخاصة فرقة الفجر الموسيقية ليقودها مرات عدة , ليفيدنا عن ذلك الأمر بأن قيادة الفرق ليست بالموضوع السهل بل تتطلب كاريزما خاصة وخبرة بقيادة و ضبط  كل هذا العدد من العازفين ضمن الفرقة وهو ما رأه الخياط بشخصية هادي الموسيقية والتي تكللت بالثقة والإحترام لإبداعه الفني .

ولفت بقدونس الى أنه سجل العديد من الأعمال الموسيقية المهمة سواء بالتلفزيون او بالإذاعة السورية واصفا تلك الأيام بزمن الفن الأصيل والجميل حيث كانت متعة العمل حينها لاتضاهيها متعة معتبرا الإذاعة والتلفزيون السوري بمثابة بيت له لشدة تعلقه وتواجده أغلبية أوقاته هناك  .

مضيفا بأنهما جزء من حياته وذاكرته تاركاًً فيهما بصمات فنية وموسيقية وذكريات محال أن تنسى وبأن التلفزيون والإذاعة السورية هما السبب الرئيسي  في نجاحه وانطلاقته حيث لم يكن هناك مثل أيامنا هذه تعدد بالفضائيات وانتشار السوشيال ميديا بل من حسن حظه لا يوجد حيناها سوى  قناتين الأولى والثانية والإذاعة الرسمية إذاعة دمشق وهذا كان كفيلا ليحقق انتشاراً واسعاً بأعماله الموسيقية ضمن سورية وخارجها ، حيث كانت الناس تتابع فقط هذه القنوات و الإذاعة الرسمية مما ساعده على ترك أثر و بصمة موسيقية لا تنس بذاكرتهم ووجدانهم  .

» أمنيات محققة

وبكل ما يخص طموحاته الفنية والموسيقية قال المايسترو بقدونس بأنه قد حقق أغلب ماكان يتمناه  بدءاً من مشاركته بصفة عازف صوليست إضافة لقيادة وتأسيس فرق موسيقية مهمة والتي جالت كل أرجاء سورية وخارجها و شاركت على أهم المسارح ضمن حفلات ومهرجانات كفرقة النجوم وخماسي الموسيقا العربية .

والأهم بوصفه لنا هو ما حظي به من شعبية كبيرة ومحبة من الجمهور الذواق للفن الأصيل والذي كان يحضره مستمتعاً بنتاجه الموسيقي الأصيل .

كما أشار الى جانب آخر من إنجازاته الموسيقية المهمة  وهي برامج موسيقية خاصة به من إعداده وتقديمه عرضت على  شاشة قناة الدراما السورية معربا بذلك عن شكره وامتنانه للقائمين عليها ليذكر البرامج وهي (لغة الروح , وبرنامج موسيقيون في الظل ) .

وبالتطرق عن أهم البرامج التلفزيونية التي حملت بصمته الموسيقية والفنية  حدثنا عن برنامج منكم وإليكم مع الاستاذ عباس النوري والذي حظي بقاعدة جماهيرية ونجاحاً سورياً وعربياً وهذا ما جعل من بقدونس وبشهادة الكل سفيراً للموسيقا السورية .

» مسرح

وعن ترابطه الحسي والروحي مع خشبة المسرح واصف لنا هذا التآلف بأنه الأجمل في حياته خاصة لحظة اللقاء مع ذاك الجمهور الذواق للفن الآتي للسماع والاستمتاع بجمالية الموسيقا السورية والعربية الاصيلة وهذا السبب الرئيسي الذي دفعه لتشكيل فرق موسيقية خاصة  كفرقة النجوم والتي تأسست عام 1986 واطلق عليها التسمية الأستاذ احمد قنوع وفرقة خماسي للموسيقا العربية عام 1995 .

وقال بأنه يشعر عندما يقف على خشبة المسرح وكأنه محلقا بمحبة الجمهور الذي خصص من وقته لحضور ما يقدمه من حفلات وأمسيات موسيقية ذاكرا لنا و بأحد أمسياته بالمراكز الثقافية تجاوز عدد الحضور المكان المخصص ليتواجدوا حينها خارج الصالة وبأعداد هائلة مضيفاً عن ذلك بأن تلك المحبة لم تأت عن عبث بل هي حصيلة أعوام قضاها على خشبة المسرح وبين الجمهور .

وعن محبة الجمهور لتاريخه الموسيقي أضاف أن من يتعب يلقى النجاح و يحصد كل تلك المحبة والتي لم تكن بالأمر السهل على الإطلاق بل نتيجة معاناة من تعب وقساوة الحياة , لذا صدق من قال يولد الابداع من رحم المعاناة ، ومن تجاربه قد تعلم التحدي لكل ظروف الحياة وقساوتها معتليا قمم النجاح والشهرة اللذان يليقان به .

» الموسيقا السورية

وعن حال الموسيقا السورية قال أراها جيدة بوجود المعاهد الموسيقية المهتمة  بكل مايخص الموسيقا والتي تعنى بتدريس علوم وقواعد الموسيقا و بطريقة اكاديمية مثل المعهد العالي للموسيقا والذي يخرج العديد من العازفين الاكاديميين , ناصحا لهم أن يبتعدوا عن حالة التكرار والتقليد  وأن يخلقوا لأنفسهم بصمة إبداعية و موسيقية مميزة .

مشيرا بأن هناك أيضا العديد من الموسيقيين اعتلوا بأعمالهم قمم النجاح في سوريا وخارجها ولم يكونوا من خريجي المعهد العالي والسر من ذلك شغفهم للموسيقا وعشقهم للآلة التي أجادوا العزف عليها كما لفت بحديثه الى أهمية وجود العديد من الفرق الموسيقية والتي تقدم أعمالاً مميزة كالأوركسترا السيمفونية والفرقة الشرقية للموسيقا العربية , مؤكدا بقوله إذا موسيقانا الآلية بما يخص العزف بخير لكن فيما يتعلق بالأغنية السورية أعرب بقدونس عن وضعها الحالي بأنه ليس بالجيد ولا يوجد أغنية تحمل الطابع السوري بكل المقاييس المطلوبة بل هناك الكثر من المغنين  يقلدون فقط ويؤدون أغانٍ ليست لهم  لذا اختفت الاغنية السورية  برأي بقدونس ويرى بأن الحفاظ على الموروث الغنائي السوري وترداده ضمن الحفلات أمر غير كاف بل يجب إضافة أعمال غنائية اخرى تحمل بصمة سورية و بامتياز ..

وبسؤالنا عن أهم الأسباب من ذلك ذكر لنا بأنه لا يوجد شركات انتاج ولا يوجد برامج هواة حقيقية على شاشاتنا  تدعم الأغنية السورية وصناعها .

» جليسة قلب

سنوات طويلة قضاها بقدونس برفقة صديقة كتفه « الكمان » ليحدثنا عن تلك العلاقة المتينة التي تربطه بتلك الصديقة الوفية بأنها نشأت برفقته وهو بعمر الخمس سنوات فكلما كبر عام كبرت هي أيضا معه أحبها وتعلق بها من خلال ماكان يشاهده من فرق موسيقية وما تحتويه من حضور لافت الانتباه لآلة الكمان ليجلب له والده رحمه الله أصغر آلة كمان ليبدأ التعلم بها والغوص في تفاصيلها لتبقى ملتصقة به ومنذ ذلك الوقت ليومنا هذا ليس فقط بكتفه بل بكيانه وقلبه .

واصفاً هيامه بها بأنها الأجمل بكل مافي حياته لتكون الحبيبة والصديقة والونيسة لروحه و قلبه مضيفا بأنها تثبت لا على كتفه فحسب بل على قلبه لذا كل ما يعزفه ينبثق من عمق إحساسه ومشاعره وعن رأيه بالعزف السماعي إن كان يراه الأجمل مقارنة بالعزف المعتمد على النوتة بين أنه من المؤكد العزف السماعي جميل لكن يفضل بأن يرافق ذاك العزف دراسة أكاديمية ليتمكن العازف من أداء كل المهام التي يكلف بها في عمله الموسيقي مؤكداً على الترابط الضروري فيما بينهم لتكتمل شخصية العازف من الناحية الفنية والموسيقية .

» نائبا لنقيب الفنانين في سورية

ومن المهام التي كلف بها نائباً لنقيب الفنانين لافتاً الى أنه بكل الإنتخابات الخاصة بنقابة الفنانين يحصل على نسبة عالية من الأصوات بفضل محبة الناس  ومن المتعارف عليه إذا كان النقيب مختص بالدراما يفضل ان يكون النائب موسيقياً .

وعن هذه المهام اوضح بأنه  لم يضف لشخصية هادي الموسيقية اي تفصيل كان , بل هي فقط مهام إدارية كلف بها ومسؤولية كبيرة مشيراً بذلك إلى دور النقابة الكبير وماتقدمه من خدمات و جهود تبذل لدعم الفن والفنانين بقيادة نقيبها الفنان محسن غازي وعن طموحاته الإدارية ضمن النقابة بين  بأن ما يسعى إليه دائما هو ان يؤدي واجباته كنائب نقيب الفنانين اتجاه زملائه وعلى اكمل وجه معرباً عن حزنه الشديد برحيل العديد من نجوم الوسط الفني في الفترة الأخيرة .

كما أشاد بجهود نقيب الفنانين محسن غازي وبكل مايقدمه من أعمال  تنصب لمصلحة الفنانين خاصة ماقام به من رفع الراتب التقاعدي , وايضا بقيام النقابة بدورها النزيه بالوقوف دائما بجانب كل الفنانين وبمختلف الظروف والحالات التي يمرون بها .

» رسالة محبة

وعن غيابه الحالي قال بأنه يتواجد قدر المستطاع  لكن ليس كما كان عليه في السابق والسبب هو قلة المهرجانات والبرامج الفنية الهادفة , وأيضا ما نمر به من ظروف صعبة ، أثر كل ذلك على غيابه الذي اعتاده الجمهور السوري والعربي .

لافتاً بأن المهرجانات التي تقام في وقتنا الحالي غير كافية مقارنة بما كان عليه الحال في السابق ليوجه ومن خلال صحفية #الجماهير رسالة محبة لكل المعنيين بالفعاليات والمهرجانات السورية داعيا لهم بعودتها من جديد ليذكر بذلك مهرجان المحبة والسلام والذي كان ينافس العديد من المهرجانات العربية كقرطاج وجرش بأهميته الثقافية والفنية من خلال  استقطابه لكبار نجوم الغناء العربي على خشبة مسرحه العريق .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار