الجماهير – أنطوان بصمه جي
في قلب مدينة حلب القديمة، ومع انعكاسات ضوء الشمس على جدران منارة حلب القديمة “الأثرية” التي احتضنت اليوم ملتقى فنياً استثنائياً ينطلق تحت عنوان “الفنون عتبة.. لتجاوز الآلام”، ذلك الحدث الفني الساحر الذي كان نتاج جهود مشتركة بين وزارة الثقافة والأمانة السورية للتنمية وهو جلسة تجمع 18 فناناً وفنانة تشكيلية.
بينما تسكب ملامح منارة حلب القديمة ضوءها الساحر على الملتقى الفني، يبدأ الفنانون في تعبيرهم عن أنفسهم بألوان وأشكال متنوعة. تجتمع الفنون هنا كلغة تتجاوز الحدود والقيود، لتعبر عن مشاعر الألم والأمل والتجدد، ليشكلوا من خلال الفن محاولة العبور لإيصال رسالة تجاوز الآلام واستعادة الحياة والجمال في وجه التحديات.
وأوضح الفنان التشكيلي إبراهيم داود أن الهدف الرئيس للملتقى الفني مشاركة الفنانين الحلبيين المتأثرين بزلزال شباط وسيكون ريع الملتقى للمتضررين بالزلزال، حيث بدأت فعاليات الملتقى اليوم بتحضير اللوحات وعمليات تأسيس الأعمال للمباشرة في الرسم.
وعن سبب تسمية الملتقى باسم “الفنون عتبة.. لتجاوز الآلام” كشف الفنان داود أن الفكرة تتمحور حول عرض الآلام التي تأثر بها المجتمع الحلبي نتيجة الزلزال العنيف الذي ضرب المدينة بالإضافة إلى رسم لوحات تعكس التراث الحلبي الذي تعنى به الأمانة السورية للتنمية، بحيث يقدم كل فنان رؤيته الخاصة في جميع الفنون التجريدية أو الواقعي أو الحروفي.
يعكس هذا الملتقى الفني الروح التضامنية للمجتمع السوري، حيث يجتمع الفنانون من مختلف الأعمار والثقافات للاستمتاع بفنون التشكيل والمشاركة في التجربة الإنسانية الفريدة، ليغدو هذا الحدث نافذة فنية مشرقة تلقي الضوء على القوة الإبداعية للإنسان في مواجهة التحديات والصراعات.
الفنان التشكيلي خلدون الأحمد المشارك في ملتقى حلب للفنون أعرب لـ “الجماهير” عن سعادته في أهمية اختيار المكان الجغرافي الذي يعكس في تفاصيله التراث الشرقي والعراقة والأصالة، مبيناً أنه يعمل على نتاج لوحة مكونة من تشكيل الحرف العربي بما يضمنه من جماليات ضمن إحساس تكويني خاص به بحيث يعكس الإحساس الشرقي بما يخدمه هذا الحرف من حرص وإنسيابية وحضور متميز في العمل التشكيلي.
وأكد الفنان الأحمد أن أهمية الحرف العربي تكمن في أنه حامل للأبجدية واللغة والتراث والأسماء العربية، وصناعة مكون يرتبط بشرقية البلد والبيت العربي، مضيفاً أن الحرف العربي من أجمل الأبجديات في العالم لما له من تكوين وخصوصية وصياغة جميلة بانسيابيته ورشاقته، وأن اختياره للون الأزرق في عمله التشكيلي لأنه يحمل نوعاً من الحميمية والسكون والهدوء لصياغة مفردات للحرف وإبرازه بجمالياته ضمن إيقاع متوازن يحمل الفرح الذي يليق بهذه المدينة العريقة الجميلة حلب.
وبينما تلوح منارة حلب في الخلفية وكأنها شاهدة على تلك اللحظات الفنية الرائعة، تشعر بأن الفن يمكنه أن يكون جسراً للتواصل والفهم بين الناس، وبإمكانه أن يساهم في تخطي الصعاب وبناء مستقبل أفضل من خلال تفاهم المشاركين في الملتقى الفني الذي يؤكد أهمية الفن كوسيلة للتعبير عن الإنسانية وتجاوز الآلام نحو عالم أجمل وأكثر تضامناً.
الفنان التشكيلية هوري سلوكجيان المشاركة في الملتقى توضح لـ ” الجماهير” أن لوحتها الفنية تعكس شخصية واقعية وهي في طور مرحلة التأسيس للوحة، مبينة أنها تفضل استخدام جميع الألوان الحارة في رسم لوحاتها بحيث أن تفاصيل الشخصية تعكس وجه امرأة عجوز، فهي تفضل رسم صور واقعية كصور وجوه الأطفال وشخصيات مرتبطة بشكل وثيق بمدينة حلب التاريخية.
يذكر أن فعاليات ملتقى حلب للفنون التشكيلية تستمر حتى يوم السبت القادم وتبدأ من الساعة الحادية عشرة صباحاً حتى السابعة مساءً.