الفنان محمد خير الجراح .. عراب الفن الحلبي والمونولوج على المسارح والمحافل العربية

الجماهير || زُهيدة هورو

 

نشأ وتألق بعطائه اللامتناهي ما بين ثنايا الفن وعظمته وكل ما فيه من أسرار وجمالية، فخاطب المشاعر والوجدان بكل ما يقدمه من روح فنية عالية، حاملا في طيات شخصيته الكثير من نفحات حلب وتفاصيلها الثقافية، وما تفرد به من إبداع وبصمة مميزة جعلت منه حالة فنية خاصة لا يشبه إلا نفسه.

الفنان   ” محمد خير الجراح ” .. استطاع أن يمسك بأطياف الفنون وألوانها، محققا ذاك التوازن الفني المبهر ، بحضوره الأنيق والجذاب  ، وبما امتاز به من عفوية ورقي في الأداء ، لنراه غير متكلف بابتسامته المعهودة ، ونجاحه المشهود ، يصدح بصوته أغانِ منوعة من حيث الكلمة واللحن خاصة فن المونولوج والذي يمزج ما بين الفنون وسحرها بلهجته الحلبية الأصيلة ، وقد توارث أسراره شغفاً يترجمه برنين صوته الدافئ من والده الراحل “عبدالوهاب خير جراح ” ، شيخ من غنى المونولوج.

  • حكاية شغف

بدأت علاقته مع الفن و الموسيقا تحديدا الغناء في سن مبكرة ، وأخذت تأخذ شكلها وترسم ملامحها بشغف خلال دراسته و خاصة الجامعية ،  وفي حفلات التعارف الجامعية ، يتناول أعمالا غنائية محافظا على جوهر اللحن فيها ، ليضيف كلمات قد ابتكرها لتخدم فكرة ما يود تقديمه غناءً .

مؤكداً بأن ما كان يقوم به هو جزء من شغفه للتعبير عن ذاته وقدراته الفنية ، واستمر على ما هو عليه بالغناء ضمن جلسات خاصة مع أصدقائه ، ومن خلال مشاركاته الغناء مع زملائه المطربين على المسارح  وبالحفلات وبطلب منهم ، ويذكر ( صفوان  العابد , نهاد نجار, سمير جركس ,  حسام جنيد , وفيق حبيب  ) وغيرهم .

وعن حالة الترابط بين كل ما يؤديه من أعمال فنية وألوان، أوضح أن الفن صورة متكاملة لا يمكن أن تتجزأ.

ويرى الجراح أن الأغنية الحقيقية هي من تحمل في طياتها مضمون وقصة درامية يتم اختصارها بعمل غنائي فني متكامل لحنا وكلاما وأداء لإيصال موضوع معين أو رسالة من قصص الحياة ومافيها من حالات وصور، لذا من المؤكد كما يقول الجراح أن هكذا أغانِ تستحق بأن تسمى أعمالا خالدة لأنها تبقى محافظة على مزاياها الفنية ونجاحها وتردد على مر الزمان وتبقى راسخة بذاكرة الناس ووجدانهم.

  • الفن الحلبي

وحول سر شغفه وتعلقه بالفن الحلبي وتحديدا الأغنية الحلبية يقول الجراح أن علاقته بحلب علاقة أزلية وعلاقة روح هي منبته وجذوره منها يستمد نسله خاصة الفني وبأنه  قد نشأ وتعلم وكبر فيها وأسس عائلته واصفا إياها بالحاضنة للكثير من الذكريات والمشاريع المهمة التي انجزها في حياته والتي كانت قد انبثقت منها , مؤكدا بأنها علاقة وطيدة ومتينة و أشبه ما يمكن وصفها بعلاقة الأبن مع أمه .

وعن حال الأغنية الحلبية بين جراح بأن أعظم مطربي حلب يصنعون أعمالا غنائية على خطى الأسلاف من صناع الغناء و الفن الحلبي الأصيل تلك الأعمال حملت معها بصمة ولون غنائي خاص بمدينة حلب بدءا من الجيل المخضرم كالراحل صباح فخري إلى ما هو عليه من الأجيال المتتالية كلهم قدموا ومازالوا أعمالا فيها بصمة الموروث الحلبي الأصيل وقد تحول البعض منها إلى فلكلور  يتم تداوله ضمن مجال الغناء لما تمتلكه من قيمة فنية غنية بمعناها الكلامي المكتوب من شعراء حلب المبدعين وألحانها المنظمة بالجمل الموسيقية الموزونة , مشددا لانتمائه الوثيق بهذا التيار الفني الأصيل وما يقدمه من عراقة الأغنية الحلبية خاصة فن المونولوج الذي أجاد في تقديمه الكثير ليذكر بذلك والده الراحل عبدالوهاب جراح , وهو ما يقدمه حاليا و بمجهود يبذل مع أمهر الفنانين وذلك بإعادة انتاج أعمال غنائية  تحمل في طابعها الفني الأداء الدرامي الواضح المعالم و الذي يكون هو الغالب على الأداء الغنائي المعتاد عليه .

  • أعلام الموسيقا

وعن تأثره بأعلام الموسيقا السورية بما يخص فن المونولوج تحديداً بين أن أول المؤثرين في حياته هو والده الراحل عبد الوهاب جراح الذي أبدع بتأليف أعمال غنائية ناقدة ومهمة تحمل في مواضيعها الكثير من العبر والحكم.

لافتا بأنه أعاد تسجيل أعمال غنائية عدة خاصة من فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي مع إعادة توزيعها وإضافة لمسات فنية خاصة به.

وأما عربيا فقد تأثر بالموسيقار زياد الرحباني وما قدمه من أغان ناقدة ذات مضامين معبرة وعميقة بمعناها وبما فيها من فكر وفن وحداثة بالموسيقا العالية المستوى إضافة للفنان إسماعيل ياسين والفنانة ثريا حلمي  وشيخ الملحنين فليمون وهبي  .

  • ميكس فني

استطاع محمد خير جراح وبإبداع مشهود أن يقدم أعمال درامية وغنائية، وعن حالة المزج ما بين الموهبتين معا ضمن عمل فني واحد أشار بأنه قد شارك بأعمال  درامية عدة مستخدما قدراته الغنائية منها مع المخرج علاء الدين كوكش مسلسل ربيع بلا زهور وكل ما أداه من أغنيات كانت جديدة وتحمل بصمته الفنية الخاصة وعمل آخر حمل اسم بيت العز  للمخرج غسان باخوس وبأن شخصيته حملت  الكثير من الطرافة مؤديا طريقة أداء الموسيقار فريد الاطرش , وعمل رومانتيكا بشخصية زوربا والذي أيضا يؤدي من خلالها أغانٍ ضمن العمل , مؤكدا سعيه بالجمع ما بين موهبتي الغناء والتمثيل بالإضافة إلى الحواريات الغنائية التي يسعى جاهدا لتقديمها قريبا على خشبة المسرح .

  • مسجات روحية

وعما يسعى من تقديمه وإيصاله للجمهور من ” مسج ” وصفه بالروحي والمعبر من خلال ما يقدمه من أعمال غنائية هادفة ذات معنى وقيمة.

ويرى الجراح أن الأغنية الشرقية الأصيلة تعاد من خلال تكرراها واستماعها عبر الزمن ومن جيل لآخر أكثر من الدراما لأنها تعتمد على السمع بينما الدراما تعتمد على الصورة أكثر، لذا ترسخ كلمات الأغاني وألحانها بالذاكرة كونها تعتمد على السمع، مبينا أن هناك مواضيع مهمة وحساسة يؤديها ضمن ما يغنيه من أعمال تحمل معها ” مسجات ” اجتماعية ناقدة وأخرى إنسانية تحاكي الروح والوجدان .

ويشهد للجراح قدرته على تأدية الأغاني بطريقة اكثر درامية مؤكدا بأنه يعمل بالتعاون مع أهم صناع الفن والموسيقا من كتاب وملحنين و موزعين في فن المونولوج ، منوها بمشاركاته الفنية في العديد من المحافل العربية المهمة منها جرش والإمارات.

  • ألبوم غنائي

أطلق الجراح العام الماضي ” ميني ألبوم ” يتضمن أربعة أعمال غنائية وهي باللهجة العامية والحلبية ( وعد الرجال , جو العام , عرًم , وليبقلو ) .

كما أن هناك تحضيرات جديدة ستكون ضمن ألبوم غنائي كامل سيبصر النور قريبا ضمن إطلاقه بحفل خاص متعاونا فيه مع كل من الأساتذة فتحي الجراح و نهاد نجار من حيث كتابة الكلمات واللحن وتعاون آخر من حيث اللحن مع خالد حيدر  , إضافة لعمل من كلمات الراحل صفوح شغالة والذي قبل وفاته كتبه للجراح وهي أغنية تحمل في طابعها الجانب الإنساني والوجداني .

 

======

بإمكانكم متابعة آخر الأخبار والتطورات على قناتنا في تلغرام

https://t.me/jamaheer

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار