بقلم :محمد سلام حنورة ..
مع مرور عام كامل على استلام الحكومة برئاسة أحمد الشرع مسؤولية المرحلة الانتقالية في سورية، تبرز الحاجة إلى التوقف عند حصيلة هذا العام المفصلي، الذي حمل في طياته تحولات سياسية عميقة، ومحاولات جادة لإخراج البلاد من حالة الجمود والعزلة التي رافقتها لسنوات طويلة.
عامٌ لم يكن سهلًا في ظروفه، لكنه شكّل بداية لمسار جديد عنوانه إعادة بناء الدولة واستعادة موقع سورية على المستويين العربي والدولي.
أول إنجازات هذا العام يتمثل في طيّ صفحة حكم النظام البائد، وهو حدث مفصلي في التاريخ السوري الحديث.
فقد فتح هذا التحول الباب أمام إعادة صياغة المشهد السياسي، ومنح السوريين فرصة حقيقية للخروج من إرث ثقيل من الصراع والانقسام، والانطلاق نحو مرحلة تضع الاستقرار وإعادة ترتيب الأولويات الوطنية في صدارة الاهتمام.
على الصعيد الخارجي، استطاعت الحكومة خلال عامها الأول أن تكسر العزلة السياسية التي فُرضت على سورية، وأن تعيد البلاد تدريجيًا إلى دائرة الحضور الدبلوماسي الفاعل.
فقد شهدنا عودة العلاقات مع دول عربية وإقليمية، وتحسنًا ملموسًا في التواصل مع القوى الدولية، ما أعاد لسورية موقعها الطبيعي دولةً حاضرة في التفاعلات الإقليمية، لا ساحةً مغلقة أو معزولة.
ويُعد التقدم في ملف العقوبات أحد أبرز نتائج هذا العام، إذ نجحت الحكومة في تحقيق اختراقات مهمة أدت إلى رفع العقوبات، ما شكّل خطوة حاسمة باتجاه إنعاش الاقتصاد الوطني.
ولم يكن هذا التطور مكسبًا سياسيًا فحسب، بل مدخلًا لتخفيف الأعباء عن المواطن السوري، وتهيئة الأرضية لمرحلة إعادة الإعمار وجذب الاستثمارات.
داخليًا، عملت الحكومة خلال عامها الأول على إعادة الاعتبار لمفهوم الدولة ومؤسساتها، ومحاولة توحيد القرار الإداري وتعزيز حضور الإدارة المدنية في ظل واقع معقّد وتحديات متراكمة.
ورغم أن الطريق لا يزال طويلًا، فإن وضع اللبنات الأولى لبناء مؤسسات فاعلة يُعد إنجازًا لا يمكن تجاهله في بلد أنهكته سنوات الحرب.
كما تميّزت هذه المرحلة بخطاب سياسي جديد، أكثر هدوءًا وواقعية، يركز على المصالح الوطنية والانفتاح على الشراكات، بعيدًا عن منطق العزلة والمواجهة.
خطاب أسهم في بناء قدر من الثقة الدولية، وفتح نوافذ كانت مغلقة أمام سورية لسنوات.