الجماهير ـ مصطفى رستم
حلّت المواد الإغاثية الواصلة مدينة حلب من المنظمات الدولية الأممية كضيف مرحبٍ بها في بيوت مدينة رزحت تحت أتون حربٍ ضروس أتت على البشر والحجر والشجر، وانتهت فصولها قبل عامين من الزمن، بعد أن انكفأت معها المجموعات المسلحة خارج المدينة.
ولطالما رفعت هذه المواد الإنسانية عن كاهل المواطنين المرهقين من ارتفاع تكاليف الحياة وزيادة الأسعار والمصاريف إبان اندلاع الحرب والحصار، وشكلت ما تحمله من مواد متعددة الأغراض من غذائية ومنزلية ومستلزمات صحية متنوعة ضرورة للعائلات المحتاجة بسبب الأوضاع الإنسانية الصعبة لاستمرار الحياة.
وكما يشاء أهالي حلب أن يطلقوا على المواد الإغاثية اسم (المعونة) دفعت بعضاً من النسوة لابتكار أفكار جديدة كإعادة استخدام (الأغطية القماشية)، يطلق عليها (بطانيات المعونة) عملت الشابة “عائشة” جاهدة لتحويلها إلى أغراض جديدة كملابس واستخدامات أخرى.
ولتحصيل لقمة عيشها من مهنة الخياطة بعد نزوحها من بيتها خلال الحرب داخل المدينة احترفت عائشة الحياكة والخياطة بعد أن كانت الخياطة بالنسبة للفتاة الثلاثينية من العمر مجرد هواية قبل الحرب تدرّبت وتأهلت على يد والدتها ومع مضي عشر سنوات عادة هواية الحياكة بشكل جديد هذه المرة كمهنة.
سخرّت ما تملك من حب لهواية الحياكة ومن موهبة لإعادة صنع المواد القديمة كأغطية الإغاثة التي توزع للمستفيدين، وعن تجربتها حدثتنا عن هواياتها وقالت لـ “الجماهير”:
” أجد نفسي مرغمة على استخدام مهنة كانت مجرد هواية لدي ولم أدر أنني سأمتهنها بعد أن قمت بإعادة استخدام أغراض قديمة ومهملة حيث صنعت عدداً كبيراً من الأغطية وتحويلها إلى ألبسة، ومعاطف للشتاء”.
إرادة السوريين في مدينة حلب لم تتوقف رغم الظروف الصعبة بل إن الحصار، والحرب طيلة هذه السنوات، جعلت منهم أكثر إبداعاً وتحدياً لواقعهم الصعب مبتكرين مبادرات فردية من أدوات بسيطة يصنعون فيها حياتهم الجديدة.
وتردف عائشة: “لا يتطلب الأمر سوى التفكير بتلك المواد وكيف يمكن الاستفادة منها حيث قمت بتجربتها لمرة واحدة حولت في بادئ الأمر غطاء كمعطف وبعدما شاهدتها جاراتي في الحي الذي أقطن به أردن أن أصنع لهن شيئاً مشابهاً ومعها بدأت النسوة يأتين ومعهم الأغطية لأقوم بتحويلها إلى معاطف وحتى أحذية وغيرها”.
بطريقة جميلة تتحول هذه الأغطية الفائضة عن حاجة المستفيدين منها إلى هذه الأغطية وتتحول ليس لألبسة فقط بل، لقبعات، ووشائح وغيرها الكثير بدأت عائشة بشكل مجاني دون أجر، كمساعدة للأقارب، والصديقات، لكن مع مرور الوقت بدأت بإنشاء ورشتي الخاصة وعملت في مجال تحويل، وتدوير الكثير من الأغطية، والأقمشة المستعملة لأغراض أكثر فائدة.
حققت الشابة عائشة ما يمكن أن يطلق عليه (تمكين المرأة) في مجتمعها واستطاعت أن تصنع لنفسها ورشتها الخاصة وتسخّر موهبتها إلى حرفة أتقنتها وتكسب منها عيشها، وهنا لابد من الإشارة لتجارب صنعها صندوق الأمم المتحدة للسكان في مكتب حلب عبر افتتاح مراكز لتدريب المرأة على الأعمال الحرفية من منطلق تمكينها في المجتمع.
رقم العدد 15720