التجارة في المأثور الشعبي الحلبي..إرث وتقليد

الجماهير /عتاب ضويحي

أقامت مديرية ثقافة حلب بالتعاون مع الجمعية العربية المتحدة للآداب والفنون، محاضرة للدكتور محمد حسن عبد المحسن بعنوان (أصداء التجارة في المأثور الشعبي الحلبي).
و تحدث عبد المحسن عن شهرة مدينة حلب بالتجارة كونها عقدة مواصلات وتحتل مركزاً تجارياً مهماً يتوسط العالم القديم، وأكد الحلبيون أهمية موقع مدينتهم بقولهم (كل ضيعة إلا درب ع حلب).. لذا تعاطى معظمهم التجارة وافتخروا بها وجعلوها أهم مورد للرزق، وجسدت مأثوراتهم الأدبية هذا (أعرج حلب وصل للهند).
كما جعل الحلبيون للتجارة آدابا جرت بمثابة العرف السائد في أسواقهم يقول البياع في أول يومه (استفتاح مبارك بالصلاة عالنبي).
وكانت تجارتهم إما مع البدو وأهل الريف ولم تخلو من تهكماتهم منها (البدوي نزل ع المدينة ماجاب غير دبس وطحينة) وأيضا (بدوي مقروح شاف التمر مطروح شلون بخليه ويروح) .
أو أن تكون فيما بينهم بيعاً وشراء أو مبادلة أو مشاركة، وصور أدبهم الشعبي تلك العلاقات فمن حكمهم (صاحبك إذا ردت تبقيه لاتاخد منه ولا تعطيه) وفي ذلك تصوير لنزعتهم الفردية في التجارة،
ومن هنا كانت عندهم (الشركة دركة) ولا فائدة منها (دست الشركة مابغلي) .
كما تناول عبد المحسن الأصول والسنن التجارية التي رصدها أدبهم الشعبي، وحرصهم على اختيار الأنسب والأفضل ومن أمثالهم (البدك ترهنو بيعو، والبدك تخدمو طيعو) و(من عرف رسمالو باع واشترى) والبيع عندهم فرص وعرض وطلب (العدس بترابو وكل شي بحسابو)
ويرغب التاجر الحلبي البيع أول النهار،
وعرفوا بالتسامح في البيع والشراء (السماح رباح) وإكرام المشتري عادة مألوفة (بعطيك حقك وحبة بركة) .
أما آلية البيع تكون نقداً أو ديناً بالسندات أو بالكفالة، وتتجلى خبرتهم التجارية الممتازة في قدرتهم على التمييز بين الجيد والرديء من البضائع (شغل مصر بقيم من عبكرة للعصر) .
وأورد المحاضر بعض من نداءات الباعة في الشوارع والحوانيت، إذ يتعمد الباعة رفع أصواتهم ليدعوا الناس إلى شراء بضاعتهم ويحاولون إغراءهم بإظهار محاسنها، وقد أبدعوا في تخير الاستعارات والتشبيهات ومن نداءاتهم (أصابيع البوبو ياخيار، قرصك عسل يابطيخ، قرصك عسل ياجبس، حمرا يابندورة كويسة وماكنة هالبندورة، عالموانة ياتوم بلدي ياتوم، أطيب من الكماية يابتنجان) وغيرها الكثير.
وختمت المحاضرة بالحديث عن قدرة الأدب الشعبي الحلبي على تصوير نزوع الحلبيين بطبعهم إلى التجارة، ولكن تلك المقدرة تزداد وضوحاً حين نرى أن الأدب الشعبي الحلبي قد أبدع اصطلاحات خاصة بالتجارة والتجار.
أدار الحوار عبد القادر بدور رئيس الجمعية وحضر المحاضرة عدد من المهتمين بالشأن الشعبي.
رقم العدد ١٥٩٤٢

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار